أخر الموضوعات

دور شبكات التواصل الاجتماعي في العملية التعليمية

دور شبكات التواصل الاجتماعي في العملية التعليمية




"الحاجة أم الإختراع" .. فلولا حاجة الانسان إلى وسائل تساعده وتعينه على التأقلم مع حياته بل والتطور إلى الأمام دوما في سعيه لتحقيق الرفاهيه لنفسه ولبيئته لما وصلنا إلى هذا الكم الهائل من الإختراعات، فنحن وصلنا إلى عصر نستيقض صبيحة كل يوم على إختراعات جديدة تترك بصمة واضحة على حياة الإنسان.
وربما كانت تلك الإختراعات التي تزيد من العلاقات الإنسانية بين أفراد المجتمع تلقى رواجاُ أسرع من غيرها بل تنتشر انتشار النار في الهشيم، فتصبح حديث الشارع وشغلها الشاغل، فغدت وسائل الإتصال أكثر الإختراعات التي يتجاوب معها الإنسان نظرا لتحقيقها حاجة ماسة له، ألا وهي "التواصل"، لذلك نجد أن شبكات التواصل الاجتماعي تلاقي رواجاً ونجاحاً باهراً بين أفراد المجتمع، بل إمتدت إلى ربط العلاقات الانسانية بين أقطار العالم وقاراته وبلدانه، فمن خلالها غدت الكرة الأرضية قرية صغيرة يمكنك التجوال في ثناياها من خلال التحكم ببعض الأزرار على لوحة المفاتيح في حاسوبك الشخصي.
فالشبكات التواصل الإجتماعي ماهي إلا برمجيات مصممه من قبل أشخاص ذوي مهارة وإختصاص، تسمح للناس بالتواصل والتفاعل حول فكرة أو موضوع أو هدف معين، بل ويمكننا أن نصف شبكات التواصل الاجتماعية بأنها مجموعة من الأفراد غالبا يطلق عليهم اسم أصدقاء مرتبطين معا ويتبادلون أفكاراً تجمعهم معا.  
وتستخدم شبكات التواصل الاجتماعية تقنيات الويب لربط هؤلاء الأفراد معا، للاستفادة من قدرة الشبكة العنكبوتية على كسر حاجز الزمان والمكان.
وقد لفت الإنتشار الواسع لهذه الشبكات مثل الفيسبوك "Facebook" وتويتر "Twitter" وغيرهما أنظار القائمين على المؤسسات التربوية في دول العالم، فهي تمثل بيئة مناسبة لتعليم مختلف ومتقدم عن التعليم التقليدي, لتنطلق إلى  تعليم منفتح يعتمد التواصل والمشاركة أساساً للعملية التعليمية كبديل عن التلقين، كما تعطي أفقاً واسعاً لتبادل الخبرات والأطلاع على تجارب أخرى يمكن الإستفادة منها في رفع الأبتكار والإبداع لدى الطالب.
لذلك أجمع عدد من المختصين بالتعليم الإلكتروني على أن شبكات التواصل الإجتماعية تمثل بيئة مناسبة لتعليم حديث ومتطور ويلبي حاجات الفرد، ويتماشى مع الثورة التكنولوجية العالمية.
ولا عجب في ذلك فقد اصبحت شبكات التواصل الإجتماعي منتشرة بين أفراد المجتمع، وساهم في ذلك امكانية الوصول إلى تلك الشبكات حتى من خلال الأجهزة المحمولة التي أصبحت منتشرة بين كافة شرائح المجتمع، وإنتشار شبكات الإنترنت فضلاً عن سهولة إستخدمها. فأصبحت جزءاً من حياتهم اليومية، لذلك كان استخدامها كوسيلة للتعليم أمراً طبيعياً لا يمثل عبئا عليهم، ويخلط المتعة بالعلم للوصول إلى المعرفة المنشودة.
وقد  اتجه عدد من دول العالم لتعتمد شبكات التواصل الاجتماعي وسيلة من أهم وسائل التعليم ، فلو نظرنا إلى التجربة الصينية نجدها قد أدخلت كثير من المدارس، في حواضر الأقاليم الصينية، شبكات التواصل الاجتماعي لتوطيد العلاقة بين المُعلِّم والمُتعلِّم، ويُشير "رونغواي هوانغ" إلى أن التجربة كسرت روتين التدريس، وصار الطالب أكثر قـُدرة على الإبداع. والمُخطط التعليمي الصيني يُمكن أن يُحقق المزيد من المنفعة للطُلاَّب، حيث يوفـِّر مبدأ التحفيز والترغيب، ويضمن الوصول بهم إلى أكبر قدر من الحماسة، خاصة عندما يتعلَّق الأمر بدروس قد يراها البعض مُعقَّدة، منها على سبيل المثال دروس تعلُّم اللُغات الأجنبية، التي تعتمد بشكل أساسي على الانفتاح والحوار، والانسجام داخل المحيط الدراسي».
أما لو نظرنا إلى التجربة الأمريكية: وهي مُطبَّقة حديثــًا في كثير من المدارس والمعاهد الرسمية والخاصة، وتـُمارس على نطاق واسع من قِبل المُعلِّمين والطُلاَّب، فتشير "كرستين جرينهو" إلى أن إدراج المناهج التعليمية في الشبكات الاجتماعية تساعد على جعل المدارس أكثر أهمية وذات مـغـزى للطُـلاَّب، وصار المُعلِّمون قادرين على زيادة انخراط الطُـلاب في التعليم، ورفع الكفاءة التكنولوجية، وتعزيز روح التعاون في الفصول الدراسية، وبناء مهارات اتصال أفضل»، وتـُضيف: «إن التفكير ليس فقط في دمج التكنولوجيا الخاصة بك، ولكن في خلق مهام أكثر إلحاحــًا، وسوف يتطوَّر التفكير الناقد وحل المُشكلات، والقدرة على المُشاركة العالمية لدى الطُلاَّب».
لذلك لا يوجد لنا نحن أمة العرب، أمة العلم والقلم، عذر في أن نقدم لأبنائنا تعليماً متميزاً متطوراً من خلال استخدام تلك الأدوات البسيطة والفعالة, لاسيما أن عددا كبيرا جدا من شبابنا يستخدمون هذه الشبكات ولكن لا يوظفونها فيما يعود عليهم وعلى مجتمعاتهم بالفائدة.
وبالنظر إلى تسارع قافلة التكنولوجيا لم يعد هناك أي مبرر لأنظمتنا التعليمية العربية للإصرار على الأسلوب التقليدي القديم في التعليم, فقد ثبت بالتجربة العملية فعالية تطبيق شبكات التواصل الإجتماعي في الميدان التربوي في تقديم تعليم بناء، دون تكاليف عالية، وبوقت وجهد قليل من خلال تطبيق استراتجية التعليم الإلكتروني.
وتتيح شبكات التواصل الاجتماعي للمعلم أن يستخدم العديد من التقنيات الشيقة والنافعة ليدعم تقديمه للمادة العلمية، يمكننا التطرق لبعضها من خلال الأساليب الآتية:
1- أن يؤسس مدونة إلكترونية صغيرة للمادة الدراسية التي يقوم يتدريسها تحتوي شرحا للمادة العليمة والتمارين المرافقة لها ويدعمها بروابط لمواقع ومقالات ذات صلة تفتح أفاق الطلاب.

2- استخدام المجموعات المغلقة “Closed Group” التي يوفرها موقع فيسبوك "Facebook" كأحد أهم الوسائل الناجحة في تعزيز التعليم حيث يمكن للمعلم أن ينشيء مجموعة على فيسبوك "Facebook" خاصة فقط بطلاب الفصل أو المادة التي يدرسها ويدعو طلابه للانضمام إليها فيتيح لهم من خلالها النقاش والحوار حول مواضيع لها علاقة بالمادة الدراسية, مما يشجعهم على التفاعل والمبادرة والاستكشاف والاعتماد على النفس للحصول على المعرفة، وهي الطريق الأفضل للتعلم البديل المثالي عن التلقين.

3- يعد تويتر "Twitter" المكان الأمثل اليوم للحصول على المعرفة من أشهر المختصين, وبالتالي فإن مجرد تواجد المعلم على تويتر وحث طلابه على متابعته سيمكنهم من الحصول على معارف من مدرسهم خارج حدود المنهج الدراسي, مما يعزز المعرفة لدى الطلاب ولا يحصرهم بصفحات الكتاب المقرر فتغريدات المعلم ستوفر فرصة كبيرة لتعزيز المعرفة لدى الطلاب والتواصل العلمي الإبداعي مع المعلم.

4- تشجيع الطالب على تأسيس مدونة “Blog” على شبكة الإنترنت والتدوين فيها بشكل مستمر سيعزز شخصية الطالب وينمي مهارات الكتابة والإبداع لديه ويساعده في تحديد توجهه المهني في وقت مبكر وبالتالي فإن على المعلم أو المدرسة أو الجامعة أن تعمل على جعل مدونات الطلاب جزء من مشاريع تخرجهم أو نشاطاتهم اللامنهجية وتحفيزهم على الكتابة والتدوين فيها بشكل دائم، ويمكن تشجيع الطلاب الأخرين على إضافة التعليقات على مدونات زملائهم مما يعزز الحوار والتبادل المعرفي بين جميع الطلاب.

5- الصوت والصورة هي أهم عنصر من عناصر التعلم في عصرنا هذا ولا يمكن لأي محتوى علمي أن ينجح في الوصول للطلاب دون استخدامها, فيمكن للمعلم أن يستغل ذلك بأن يطلب من طلابه إعداد مقاطع فيديو أو رسوم توضيحية أو عروض تقديمية لها علاقة بشكل مباشر أو غير مباشر بالمادة الدراسية التي يقومون بدارستها  ثم يطلب منهم مشاركتها عبر يوتيوب "YouTube" مع زملائهم أو حتى مع العالم كله, فهذا سيعزز المهارات الإعلامية لدى الطلاب خصوصا الخطابة وفنون الإقناع والتأثير كما سيدعم فهمه للمادة العلمية بشكل قوي حيث أن عرضها أمام الأخرين يمثل أعلى درجات التعلم.
هذه بعض الأساليب ومازال القادم أكثر, فالبعض يرى أن منصات التواصل الإجتماعي ستصبح في المستقبل القريب بديلا كاملا عن برامج التعلم الإلكتروني التقليدية مما قد يغير مفهوم التعلم والتعليم الإلكتروني بشكل جذري.
إن الشبكات الاجتماعية ليست مجرد مواقع للتعرف على أصدقاء جدد، أو معرفة مايجري حولنا في العالم، انها أيضا أداة تعليمية مبهرة إذا تم استخدامها بفعالية، وأثبتت فعالية لدى استخدامها في التعليم  من اجل دمج الطلبة في أنشطة فعالة، والإنطلاق إلى استخدامات أخرى أكبر فائدة وفاعلية.
إذاً .. لماذا لا نستفيد من عشرات الألاف من الطلاب العرب في تعزيز المحتوى العربي على الإنترنت؟ وإلى متى سنبقى أسرى للأنظمة التقليدية التي لفظتها كل الدول المتقدمة في سعيها إلى الرقي والرفاهية؟ هل بإمكاننا أن نتخيل حجم المحتوى العربي وجودته العالية لو طبق ذلك في مدارسنا وجامعاتنا في الوطن العربي؟

ليست هناك تعليقات