أخر الموضوعات

التعلم السريع ( فلسفة ، ركائز ، أليات ، مراحل ، أدوار )



  • مقدمة :
         لعقود طويلة سيطرت على الخبراء التربويين والباحثين في علم النفس فكرة محدودية العقل البشري على التعلم وثباتها، وبمرور الوقت استطاع العلماء إثبات العكس حيث تبين أن الدماغ البشري لا يعرف حدودا وباستطاعته تحسين قدرته على التعلم وزيادتها يوماً بعد يوم ما أتاح للإنسان إتقان الكثير من المهارات عن طريق الممارسة والتدريب والمران.
         وتعتبر أساليب وطرائق التعلم السريع إحدى أهم الثورات العلمية في هذا المجال، حيث يصفها الخبير الأمريكي ديف ماير أحد أهم مؤسسي التعلم السريع بأنها نوع من أنواع التعلم ا لاجتماعي المبني على الترابط والتعاون والألعاب الجماعية بعيداً عن أنماط التعليم التقليدية كالتلقين والحفظ والثواب والعقاب.
         ظهر التعلّم السريع لأننا نعيش في زمن تـُعَدّ القدرة فيه على امتصاص المعلومات بسرعة والتفكير بشكل منطقي وإبداعي من أهم المهارات التي يمكن أن تكتسبها.
         يعزز التعلّم السريع عملية التعلّم من خلال بيئة غنية بالتجارب التي يستطيع فيها كل شخص أن يذهب وراء معتقداته المُعيقة ليلامس قدراته الداخلية، وليوسع آفاقه، وليتعلّم أي شيء بسرعة وسهولة.
         تساعد برامج التعلّم السريع الآباء على تنشئة أطفالهم قبل دخولهم المدارس، والطلاب ليحصلوا على نتائج أفضل، والمعلمين والمدربين على تحفيز المتعلّمين، والشركات على تحسين مواردها البشرية، وذلك باستخدام طرق التعلّم السريع.
         يعتبر التعلُّم السريع نطاقاً من المبادئ والطرق لتعزيز وتسريع عملية التعلُّم. وهو يقوم على أساس أن التعلُّم من خلال فعل الشيء هو أفضل من كل طرق التعلُّم الأخرى .
         التعلم السريع هو تعلمٌ طبيعي فهو ببساطة الطريقة التي يتعلّم فيها أيُّ طفل. فهل تجد طفلاً يتعلم كأخيه أو كأقرانه تماماً، قد يكونوا متشابهين في بعض الأساليب ولكن لكلٍ منهم صبغته وتجربته الخاصة.
         و برز التعلم السريع كثورةٍ في التعليم في النصف الثاني من القرن العشرين، وقد استقى بداياته من التجارب التي حصلت سابقاً. وهو أحدث ما توصل إليه البحث في عالم التعليم و التدريب اليوم، وقد اعتمد على البيولوجيا في مجال دراستها للدماغ البشري ومقدرته على التعلُّم.
         هذا النوع من التعلّم لا يبني التعليم معتمداً على القوالب الجاهزة الصلبة، إنما يترك المجال واسعاً مرناً، وفقاً لأهداف الهيئات المسؤولة عن التدريب، والحقائب التدريبية، وطبيعة المتدربين ومستوياتهم الفكرية أيضاً.
         ويعد التعلم السريع وتقنياته هو أداة المعلم في عصر المعلومات؛ حيث  أنه يقدم تصورًا وأسلوبًا جديدًا يعتمد على أحدث ما توصل إليه العلم في مجال دراسة الدماغ والقدرة على التعلم، ولتوضيح أهمية هذا الأسلوب سوف يتم عرضه في البحث الحالى .
    مفهوم التعلم السريع : (Accelerated Learning) :
         إن التعلُّم السريع هو تعلُّم طبيعي، فهو يؤكد على أن التعلُّم هو قضية إنغماس الرأس والجسم بكامله، إي إنغماس المتعلُّم بكُليّته. ولتحقيق ذلك فهو يزوّد بخبرات تعلُّم نشطة، ممتعة، تعاونية، مغذية ومرحة. وهو يسعى لتقديم بيئة تعلُّم غنية التنوع والتي تناسب كل أنماط التعلُّم. ويُقاد التعلُّم السريع بشيء واحد: وهو النتائج. ولهذا فهو مفتوح ومتطور بشكل مستمر. إن مصممي ومدربي التعلُّم السريع يبحثون باستمرار عن أفضل الطرق لجعل التعلُّم أسرع، أكثر مرحاً، أكثر فعالية، أكثر إنغماساً لكل المتعلمين .
         و نظرًا لحداثة مفهوم التعلم السريع فقد تعددت المصطلحات التي تشير  إليه، ومن خلال الرجوع  إلى أدبيات التعلم السريع نلحظ كثيرًا من  المصطلحات أو المفاهيم المرادفة لهذا المفهوم؛ مثل: تسريع التعلم، تعجيل التعلم، التعلم المُسرَّع، التعلم السريع، التعلم المتسارع  وجميعها مصطلحات تدل على التعلم السريع، ويعود الاختلاف في الألفاظ لطبيعة الترجمة، وفي هذا البحث تم استخدام مصطلح (التعلم السريع) وفقًا للمصدر المأخوذ منه، وعلى اعتباره المصطلح الأكثر استخدامًا في الأدبيات المترجمة  إلى اللغة العربية.
         ولقد اختلف التربويون  في تعريف التعلم السريع؛ ويُعرّفه ماكيون Mckeon,1995 بأنه: أسلوب تعلم باستخدام الحواس المتعددة والدماغ ومنهجية التعليم، ويشتمل التعلم السريع على كل من  تغليف المحتوى  وكذا حالة الطلاب حتى يمكن  للطلاب استيعاب المادة العلمية بوتيرة أسرع من  طرق التعلم المعتادة، وهو منهج متعدد الأبعاد والذي يكون  فيه الطالب هو بؤرة التجربة. ويجب أن  يتم تصميم الأنشطة لتتناسب مع العديد من  الأساليب التعليمية المتعددة بقدر المستطاع للتأكيد على أن  كل متعلم سيستفيد. ويجب أن  تكون  الأنشطة ممتعة ومرحة – كما لو أنها صممت خصيصا للأطفال .
        أما بيل لوكس Bill Lucas ,2005 فقد عرفه بأنه :" تجميع جوانب نظرية التعلم القائم على نظرية التعلم المستند  إلى الدماغ ؛ من  أجل  إشراك الطلاب ، والإسراع في عملية التعلم" .
         بينما يرى  جنسن   Jensen,2010صعوبة تعريف التعلم السريع بقوله: "مهما تكن المصطلحات المستخدمة، فإن مبادئ التعلم السريع تجسد العديد من الأنظمة المختلفة؛ ولكن المترابطة داخلياً في نفس الوقت؛ مما يجعل من الصعب تعريف التعلم السريع؛ لأنه بدلاً من أن يكون معرفة صغيرة محددة أصبح مجالًا ديناميكيًّا واسع النطاق، ناتجًا عن الأبحاث التي أُجريت في مجالات متنوعة؛ مثل: علم النفس، والمجال الإدراكي، والعلوم، والاتصالات، ونظرية الأنظمة والإدارة، والفيزياء، كما أنه يطبق مبادئه على المواد المتنوعة؛ مثل: المسرح، ورواية القصة، والتعلم، والتدريس. وقد تأثرت استراتيجيات أخرى بمبادئ التعلم السريع؛ مثل: الاستجابة البدنية الكاملة، والتعليم على مستوى العقل الباطن، والحالات الفائقة، والإيحاء، وأنواع الذكاءات المتعددة، والبرمجة اللغوية العصبية".
         ويظهر من  التعريفات السابقة  إجماع المربين على أن التعلم السريع يشترك في الخصائص التالية:
    - يركز على  إشراك الطلاب (جسدًا، وعقلاً، ومشاعرً) في عملية التعلم .
    - يتم التعلم من  خلال تفاعل ثنائي بين  عقل الطالب وما تستقبله الحواس من  معارف جديدة.
    - يهتم بشعور الطالب بالمتعة والسعادة والإنجاز والثقة بالنفس، ويوفر بيئة ملائمة للتعلم ومريحة و إيجابية .
    - يصمم أنشطة متنوعة قائمة على أبحاث الدماغ وتناسب أنماط التعلم (السمعي، والبصري، والحركي، والفكري) وأنواع الذكاءات المتعددة.
    - يؤكد على أهمية التفاعل والتعاون  بين  الطلاب في ترسيخ وصقل المعارف الجديدة.
         وحيث أن  التعلّم السريع قائم على أبحاث الدماغ، فهو يُقر أن  كل طالب لديه نمط مُفضل في التعلم يناسبه أكثر من  غيره. فإذا تعلم واستخدم التقنيات التي تتطابق مع نمطه التعليمي المفضل؛ فسيكون  تعلمه أكثر تلقائية وعفوية. ولأنه أكثر عفوية وطبيعية له فإنه أسهل، ولأنه أسهل فهو أسرع، ومن  هنا أتت تسمية التعلّم السريع .
         إن التعلم السريع هو نظام متكامل لجعل التعلم أكثر فعالية بوقت أقصر وتكلفة أقل، و ذلك بكونه يعتمد على الدراسات النفسية والدماغية والتي تشير إلى أن عملية التعلم أكبر بكثير مما نتبعه الآن في مدارسنا وجامعاتنا.                          ( وكالة سانا السورية ، 2015 ) .
    نشأة التعلم السريع:
         انبثق مفهوم التعلم السريع في النصف الثاني من  القرن  العشرين ، مستمداً بداياته من  التجارب التي حصلت في السنوات الخمسين  الماضية، وفيما يلي نبذة مختصرة عن  نشأة التعلم السريع كما ذكرها كل من  ماير Mayer,2010 و جنسن  Jensen,2010 ، والنجار وهواري 2010  و ماكيون 1995 :
         حيث بدأ التعلم السريع بالفعل فى أوائل الستينات من  القرن  العشرين  1960م عندما قام عالم النفس البلغاري جورجي لوزانوفGeorgi Lozanov بتطوير النظرية الإيحائية التى تُعنى بدمج العديد من  التقنيات المصممة لجعل قدرات الفص الايمن  والأيسر من  المخ تعمل سويًّا لتساعد الأفراد على التعلم بشكل أفضل وأسرع. وظهر كتاب التعلم السوبر super learning الذي ألفه كل من  لين  شرود وشيلا أوستراندر Lynn Schroeder, Sheila Ostrandeفي الولايات المتحدة تعليقًا على أعمال العالم لوزانوف Lozanoعام(1975م)؛ حيث أشار  إلى أنه تمكن  من  الوصول  إلى شيء ما في عمق العقل لا يصل  إليه الإدراك والوعي البسيط ، وسمى هذه الفكرة "باحتياط الدماغ المخفي"، وتعتمد هذه الطريقة على استخدام الموسيقى مع المرضى النفسيين  مع تقديم أفكار  إيجابية عن شفائهم، ولقد نجحت هذه الإجراءات البسيطة في حدوث تقدم ملحوظ لكثير منهم، الأمر الذي دفع لوزانوف لتطبيق ذلك في التعليم، وبرعاية الحكومة البلغارية؛ قام بإجراء بحث حول تأثير الموسيقي والأفكار الإيجابية على التعلم مستخدماً تعلم لغة أجنبية. وقد وجد أن  استخدام مزيج من  الموسيقى والأفكار الإيجابية والألعاب قد سرّع عملية التعلم  إلى درجة كبيرة، وقد أثارت نتائج هذا البحث الكثير من  محترفي التعليم خارج المدارس الرسمية في أنحاء العالم، كما بدأ دون  شسترDon Schuster من  جامعة ولاية أيوا، وكل من  رأي بوردون  RayBordonوتشارلز غريتCharles Gritton بتطبيق هذه الأفكار على التعليم المدرسي والجامعي، وكانت النتائج  إيجابية، بناء على ذلك قام هؤلاء ومجموعة أخرى  من  العاملين بتأسيس ما سُمي بجمعية التعليم والتعلم المُتسارع SALT ،  The Society for Accelerative Learning and Teacingوالتي بدأت بعقد مؤتمرات سنوية في الولايات المتحدة جذبت  ليها أساتذة جامعات ومدرسي مدارس ثانوية ومختلف مُحترفي التعليم من جميع أنحاء العالم. وبلغ عمر هذه الجمعية الآن  أكثر من خمس وعشرين  سنة، وقد أعادت تسمية نفسها لتصبح التحالف الدولي للتعلّم (The International Alliance for )IAL،Learning .
          ولا تزال تقوم بعقد المؤتمرات في الولايات المتحدة والتي يشارك فيها محترفون  من  جميع أنحاء العالم. كما أن  هناك جمعية مشابهة في بريطانيا تطلق على نفسها
    Society for Effective Affective Learning )S. E A.l
         اسم جمعية التعلُّم المؤثر الفعال وفي ألمانيا شكل بعض ممارسي التعلُّم السريع ما أُطلق عليه اسم الجمعية الألمانية للتعلّم التجريبي
    The German Society for Suggestopedic Teaching and Learning )D. S. G .L
         أما في العالم العربي فقد تم تأسيس مركز دبي للتعلّم السريع Dubai Accelerated،Leaning Center (DALC ويقدم برامج تدريبية تعليمية للمعلمين  والمدربين  والآباء، ويدرب على كيفية تطبيق التعلم السريع في المدارس والمنظمات والشركات المختلفة.
          وهكذا نجد أن  التعلم السريع يمثل أحد التوجهات الحديثة في القرن  الحالي، وهو من  أحدث أساليب التعلم المعاصرة، وله طرقه وأساليبه واستراتيجياته، والتي تركز على  إيجابية الطلاب وفاعليتهم في المواقف التعليمية المختلفة، ويسعى  إلى  إيجاد المتعة والبهجة النفسية في عمليتي التعليم والتعلم، ومن  ثما يحسن  مردودهم  التعليمي، وتتحقق الأهداف المنشودة.
    ( فاطمة الليحانى ، 2012 ) .
    أساسيات في التعلم السريع :
         لكل إنسان نمطه التعليمي المفضل وطريقته الخاصة باستيعاب المعلومات التي تناسبه أكثر من غيرها فإذا عرفت واستخدمت التقنيات التي تتطابق مع نمطك المفضل يصبح التعلم أكثر تلقائية وطبيعية، لأن عفوية التعلم وتلقائيته تجعله أسهل وأسرع وبالتالي يصبح تجربة ممتعة وناجحة ومرضية و مليئة بالمرح.
         أن التعلم السريع يبنى على تفاعل الطالب و انشغاله بالمادة العلمية المطروحة من خلال عملية اجتماعية مليئة بالدعم من كل المصادر المحيطة والمتوفرة، مشيراً إلى أنه يهيئ بيئة تعلم ملهمة ومحاكية للواقع، يرتبط فيها كل متعلم مع المحتوى على المستوى الشخصي والعاطفي، وذلك من خلال مايعنيه له التعلم.
         و معظم طرق التعلم التقليدية تركز على المعلم في حين يركز التعلم السريع على الطالب بحيث يقتصر دور المدرس على التوجيه والتبسيط من خلال الأنشطة العملية والتمارين الجماعية المبنية على الرغبة الذاتية في التعلم موضحاً أن التعلم السريع يبنى على نشاطات تسمح بالحركة الجسدية أثناء التعلم و استخدام أكبر قدر ممكن من الحواس وإعطاء الفرصة لكامل الجسد والعقل للانخراط في العملية التعليمية.
         إنه في حين يميل التعلم الكلاسيكي لإبقاء المتدربين ساكنين في مقاعدهم لفترة طويلة من الزمن وهي الحالة التي تؤدي نظرياً إلى شلل الدماغ وإبطاء التعلم أو حتى إيقافه كلياً يميل التعلم السريع إلى الحركة لإيقاظ المتدربين وتنشيط الدورة الدموية في الدماغ وهو ما يمكن أن يحمل نتائج إيجابية لعملية التعلم، حيث أثبتت التجارب مرة بعد أخرى أن المتدربين يحصلون نتائج أفضل إذا ساهموا في نشاطات منتقاة بعناية من تلك التي يحصلونها إذا جلسوا يستمعون إلى المدرب أو أمام شاشة التلفاز أو الكمبيوتر أو أمام الكتب المدرسية.
         ويعتمد التعلم السريع على عدد من المبادئ الرئيسيةالتي طورها باحثون وخبراء في مجالات التعليم وتنمية الموارد البشرية بهدف تقليص المدة الزمنية التي تستغرقها كل مرحلة دراسية دو ن أن يؤثر ذلك على النتائج، إضافةإلى زيادة مدة احتفاظ العقل البشري بالمادة العلمية لأطول فترة ممكنة.
         ومن أهم هذه المبادئ انسجام التعلم مع طريقة عمل الدماغ، حيث يختص النصف الأيسر في التفكير المنطقي ويتعامل مع التحليل المتأني خطوة، خطوة في حين يهتم القسم الأيمن بالتفكير الإبداعي كالموسيقى والرسم والصور المرئية و النقطة المهمة في التعلم السريع هي استخدام المخ بنصفيه الأيمن والأيسر أثناءالتعلم.
         والجدير بالذكر أن التعلم السريع ليس مجرد مجموعة منالحيل والتقنيات الذكية بل هو فلسفة متكاملة وطرائق جديدة تتصدى لمعظم المعتقدات والممارسات التربوية المستخدمة حالياً والقائمة على التلقين والاتصال أحاديالاتجاه، فإذا كان لابد من أن يكتب له النجاح ويتخطى مراحل التعلم الكلاسيكي فإنه و بالتأكيد سيشكل ثورة في إحداث التغيير المنشود في مؤسساتنا التعليمية والتربوية .                                                ( وكالة سانا السورية ، 2015 ) .
    فلسفة تطبيق التعلم السريع:
         أن فلسفة تطبيق التعلم السريع، فلسفة مُتَجَدِّدة عبر العصور  إذ ينضوي تحت لواء التعلُّم السريع الآلاف من التقنيات والوسائل ، ولا يزال هذا الرقم في ازدياد، إلا أن هذا ليس كل شيء في التعلُّم السريع. فالتعلم السريع قبل أي شيء آخر هو نظرة إلى التعلُّم وإلى الحياة، تهدف إلى إعادة الإنسانية إلى العملية التعليمية، واستعادتها من براثن الآلات والتكنولوجيا. وإلى جعل التعلُّم تجربة تشمل كامل الجسد والفكر، أي كامل "الشخص" المتدرب. إنها بهذا المضمون تعمل على إعادة صياغة العديد من الأفكار الموروثة، والتي أثبت الزمن أنها تعطِّل العملية التعليمية أكثر مما تدعمها.
         إن التعلُّم السريع ما هو إلا جزء من حركة بنيوية أكثر اتساعا، تشمل ليس فقط التعليم، بل أيضا الزراعة والطب والحياة الاجتماعية وكافة المجالات الأخرى. حركة لاستعادة "الحقيقي " الطبيعي والإنساني، وللابتعاد عن الآلي الصناعي الميكانيكي. إنها باختصار حركة لتغذية الذكاء البشري بأشكاله المتعدِّدة العقلاني والعاطفي والجسدي والاجتماعي والفطري والإبداعي والروحي والأخلاقي وغيرها وعلى كافة المستويات، لاستعادة فعاليَّة العملية التعليمية.
    ركائز تطبيق التعلّم السريع ومراحل تطور برامجه:
         من أهم ركائز التوطين وجود استراتيجية التحول الى برامج التعليم بكامل العقل ، التعلُّم بكامل الجسد، حيث التحول من التعليم التقليدي الى التعلّم السريع لابد له ان يتم بصورة تدريجية وفقا لاستراتيجية محددة الأهداف، وترتكز برامج التعلّم السريع على مراحل تبدأ بتطوير المهارات والتي تشمل برنامج تطوير مهارة التدريسيين وفق للركائز العالمية لبرامج التعلّم السريع، ومن أهم هذه الركائز                                                               ( ماير ، 2008 ).
         لقد نقض التطوُّر المعرفي الحديث، وخصوصا فيما يتعلق بالدماغ والتعلم ، الكثير من مسلَّمات أساليب التعليم القديمة. إذ ثبت خطأ النظرية القائلة أن التعلُّم هو مجرد عملية شفهية و"معرفية" وتحتاج جهدا عقليا بحتا. وضَّحت الدراسات الحديثة أن التعلُّم يشمل حتى المشاعر، ويحتاج جهدا شاملا لكامل الجسد والحواس وأبعاد الشخصية، وهو ما كان لوزانوف قد سماه "احتياطي الدماغ المخفي".
         أثبتت أبحاث التعلُّم الحديثة استحالة وجود نموذج تعليمي واحد قابل للتطبيق في كل الحالات. يختلف الناس في طريقة استجابتهم للتعليم، وبالتالي لا بد من تنوع وسائل التعليم ومقارباته، وهو ما يمثِّل التحدي الأكبر أمام هي كلِّية التعليم القديمة القائمة على الترتيب والخطط المسبقة.
         لقد أعطانا صعود فيزياء الكم وانهيار مبدأ نيوتن في فهم الأحداث الطبيعية كسلسلة رتيبة خاضعة لقوانين خطِّية قبولاً أكبر لمبدأ الترابط بين مجريات الأحداث والطبيعة الإبداعية الحيَّة غير الخطيِّة وغير الميكانيكية للوجود. إن التركيز على "الحيويَّة" هو من أهم مبادئ التعلُّم السريع.
         إن التطوُّر المتدرج ( وإن لم يبلغ مبتغاه بعد ) من ثقافة ذكورية إلى ثقافة أكثر تشاركية وتوازنا قد فتح الباب أمام مقاربة أقرب إلى اللطف والعمل المشترك للتعليم.
        و فتح تراجع السلوكية كسيكولوجية وحيدة الباب أمام نظرة أكثر إنسانيَّة وأكثر كلِّية في فهم التعليم وممارسته.
         و حافظت بعض الحركات الموازية على حيويِّة بعض مقاربات الأخرى ؛ فعلى سبيل المثال كان هنالك حركة المدرسة التقدمية ( بدءا من عشرينيات القرن الماضي)، وحركة التعليم المندمج ( بدءا من أربعينيات القرن لماضي) وحركة التعليم الإنساني ( بدءا من خمسينيات القرن الماضي)، وحركة المدرسة الحرَّ ة ( ستينيات القرن الماضي). كان هنالك أيضا مدرسة مونتسوري التي أسَّستها ماري مونتسوري، ومدرسة والدروف التي أسَّسها رودلف ستينر، وأيضا حركة مدرسة سمرهيل في بريطانيا والتي لعب الدور الأكبر فيها ألكسندرسثرلاند نيل.
         إن الطبيعة الديناميكية دائمة التغيُّر لبيئة العمل وثقافتها تثبت يوما بعد يوم شلل طرق التعليم التقليدية التي نتَّبعها اليوم ، وتثبت أهمية الوصول إلى مقاربات أحدث وأكثر فعاليَّة.
    آليات تطبيق التعلّم السريع في مرحلة التعليم الأساسي:
         من أجل تطبيق بناء يهدف إلى توطين فعلي للتعلّم السريع  بالمدرسة، لابد من تنفيذ الخطوات التالية:
         تشكيل فرق من المعلمين والمعلمات بحسب تخصصاتهم داخل كل مجموعة مدارس المنطقة الواحدة، ويشرف على كل فريق موجه تربوي متخصص، وكذلك يتم اختيار منسق الفريق ونائب للمنسق عن طريق الانتخاب سنويا وبصورة دورية.
         تشكيل لجنة تنسيق من مجموعة المدارس للمنطقة تضم منسقي الفرق ويشرف على عملها كل من: منسق توجيه الشعبة والمنسق الفني والمنسق الإداري للحلقة في التوجيه التربوي، ويتم ايضا تشكيل فرق لجنة تنسيق عليا تضم كل منسقي اللجان في كل مجموعات المدارس للمنطقة ويشرف عليها المنسق العام للتوجيه التربوي بالتعليم الابتدائي.
         حصر الكفايات الأساسية لكل أعضاء الهيئة الإدارية والتعليمية في المدارس مع الاحتياجات التدريبية وترجمتها إلى برامج تدريبية في مجال التعلّم السريع وفق تصنيف التدريب الفني والتربوي والتقني والإداري وأيضًا وفق أنواعها: دورات البرامج التأهيلية، دورات البرامج الإثرائية، دورات البرامج الإجرائية  دورات البرامج العلاجية، ودورات البرامج التحويلية.
         إعداد مركز التعلّم السريع في كل مدرسة، خاص لمعلميها يقوم بتقديم مجموعة من الرزم والبرامج التدريبية لمنتسبي المدرسة والمدارس المتعاونة إن أمكن، حيث يعتمد هذا المركز على تحليل الاحتياجات التدريبية لمعلمي المدرسة من الميدان مباشرة وتصميم برامج تدريبية تسهم في رفع كفاءة المعلمين المهنية من جانب وتساعدهم على اجتياز متطلبات توطين التعلّم السريع بالمدرسة ، وما لا شك فيه ضرورة قياس الأثر التدريبي لهذه البرامج على منتسبيها بعد الانتهاء من التدريب والبدء بتطبيقها في الميدان التربوي. هذه البرامج ستهم في رفع دافعية المعلمين نحو التدريب والتمهن وستسهم بحراك تدريبي شامل بكل المدارس.
    معايير تطبيق التعلّم السريع:
         مصطلح معيار Scorn: مشتق من المصدر (Sharable Content Object Reference Model)  وتعني النموذج المرجعي لمشاركة المحتوى والأهداف.
    1- معايير المنظومة المدرسية: ويمكن تركيزها في المعايير الخاصة بالمنهج الدراسي الذي بشكّل التحدي الأكبر لمشروع توطين التعلّم السريع بالمدارس. إذ أن المنهج المدرسي يتشكل من مجموعة عناصر متداخلة، ضمن منظومة المدرسة.
         و يمكن أن نستنتج المعايير الخاصة بتوطين التعلّم السريع:
    - الأهداف التربوية.         - المحتوى التعليمي.     - التقويم.          - المعلم.
    - أنشطة التعليم والتعلّم.     - العمل المختبري.      - المبنى المدرسي.
    2- معيار  التعلّم السريع : مشتق من  التوجه العالمي لنظام تطبيق التعلّم السريع في المؤسسات التعليمية والتدريبية العالمية. وهي مراكز التعلّم السريع في الولايات المتحدة الأمريكية ( مركز ديف ماير للتعلم السريع  Dave Meyer Center Accelerated Learning  & الإتحاد العالمي للتعلم السريع International Alliance for Learning ) بالإضافة إلى مركز التعلم السريع في دبي / الإمارات العربية المتحدة Dubai Accelerated Learning Center.
         يصف هذا المعيار، المبدأ الأساسي في التعلُّم السريع هو "افعل ما يؤدي المهمة، واستمر في البحث عما يؤديها بشكل أفضل."  فالتعلم السريع ليس مرتبطا بتقنيات أو أساليب أو وسائل معينة. يمكن للتعلم السريع أن يعمل بدون هذه الأمور تماما، أو أن يستثمر بعضا منها، أو جميعها دفعة واحدة. إن المعيار الوحيد هو ما يمكن أن يؤديه استعمالها من نتائج. ولا يؤسِّس التعلُّم السريع أساليبا من الإسمنت، بل يترك المجال واسعا للمرونة وفقا للمؤسسة التي يتم التدريب فيها، والمادة التي يتم تدريبها، والمتدربين أنفسهم. نحن نؤمن بما قاله الكاتب في مجال التدريب جاك بارزن: " ليس التعليم تطبيقا لنظام ما، إنه عملية الاجتهاد الدائم." ففي نهاية المطاف، ليس الأسلوب ما يهم، بل النتيجة                                ( ماير، 2008).
         إن التعلُّم السريع هو بالدرجة الأولى النتيجة التي يتم الوصول إليها ، وليس الوسيلة المستخدمة. إن هذا الربط بين التعلُّم السريع والنتائج هو مسألة جوهرية، حيث أن أية وسيلة، من موسيقى أو أنشطة أو فيديو أو أي شيء آخر،  طالما أنها تؤدي إلى نتائج إيجابية في إنتاج تعلّم أسرع وأكثر فعاليَّة، هي من وسائل التعلُّم السريع.  وفي المقابل فإن أية وسيلة لا تحقِّق ذلك هي بعيدة كل البعد عن التعلُّم السريع، مهما كانت مبدعة أو مبتكرة أو جذَّابة. إذا، إذا أردت أن تمارس التعلُّم السريع، لا تربط نفسك بأي من الوسائل أو التقنيات، فقط أبق عينك مفتوحة على النتائج.                                                                  ( ماير، 2008 ).
    3- معيار المرحلة التعليمية: وهو المعيار الصادر عن ( وزارة التربية والتعليم / معايير التعليم / مرحلة التعليم الأساسي )، وهذا المعيار تشتق منه عدة معايير تحدد الغايات & الأهداف العامة للمرحلة & الأهداف التعليمية لكل مادة تعليمية، والتي تهدف الى تمكين واضعي المنهج الدراسي من تصميم المناهج وفق مجالات التعلّم الخاصة بكل مرحلة تعليمية وتمكين المؤسسة المدرسية من تصميم البرامج التعليمية / التدريبية / التقويمية المناسبة.
    مميزات التعلم السريع :
         يمكن  تلخيص مميزات التعلم السريع في الآتي (هلال ، 2007):
    1- التوافق مع الانفجار المعرفي، والإنطلاقة التكنولوجية، وثورة الاتصال في التعامل مع المعرفة.
    2- يقدم أسلوبًا جديدًا لاستثمار العقل البشري وجميع الحواس في التعلم من  خلال التطبيقات العملية والتمارين  لتحقيق أفضل النتائج .
    3- القدرة على  إشراك عقل وجسم وحواس المشاركين  في عمليات التعليم المختلفة .
    4- تهيئة مناخ تعليمي صحي ومناسب لسرعة اكتساب المعرفة .
    5- التحسين  والتطوير الدائم لتسريع عملية التعلم في مجالات التعليم لملاحقة التطورات المعرفية الحديثة.
    6- تهيئة الظروف لفتح آفاق واسعة من  التصور والتخيل والابتكار والإبداع في مجالات التعليم المختلفة .
    7-   يراعي الفرول الفردية بين  الطلاب، ويقدم خيارات ذات معنى تناسب احتياجات الطلاب المختلفة، وأساليب تعلمه  وذكائه .  إضافة  إلى أنه يحقق التعلم النشط؛ لأنه يعتمد على تقسيم الطلاب  إلى مجموعات صغيرة متفاعلة ومتعاونة أثناء ممارستهم  الأنشطة المختلفة.
    8- تحسين مهارات التفكير لديك.
    9- أن تتعلّم أي شيء بسهولة كبيرة.
    10- أن تتعامل وتتأقلم مع التغيير.
    11- جعل التدريب في شركتك مصدراً للأرباح.
    12- تقليل وقت وكلفة التدريب مع زيادة الفاعلية والإنتاجية.
          ولاشك أن تلك المميزات الإيجابية تُبرز ضرورة استخدام التعلم السريع في التعليم؛ لاسيما وأن نيكوليت وبريوني Nicolette & Briony, 2010 و ويلكنز وآخري  Wilkins et al., 2010 قد أثبتوا بالتجربة الأثر الإيجابي لاستخدام التعلم السريع في تحسين  مهارات الطلاب وقدراتهم التعليمية، وزيادة دافعيتهم وثقتهم في تعلمهم.
    الدماغ والتعلم السريع :
          تطبيق نتائج أبحاث الدماغ على عمليات التعليم والتعلم يُنذر بحدوث ثورة في مجال النظم التعليمية قد تؤدي  إلى تغيير نظم الدراسة وسياساتها وطرق تقويم التدريس، واستراتيجيات التدريس والبيئة التعليمية (الحارثي ، 2001م) ولقد استفاد التعلم السريع من  الدراسات الحديثة حول الدماغ لبناء صورة يمكن  من  خلالها تصميم بيئة تعلم علمية وفعالة، بالإضافة إلى اعتماده بشكل أساسي على الكيفية التي يتعلم بها الناس طبيعيًّا (ماير، 2010م) ؛ حيث  أن   دماغنا يتعلم بشكل أفضل  إذا ما ترك على طبيعته (السلطي ، 2004م)
         ويعتبر الدماغ البشري جهازًا معقدًا ومرنًا ومذهلًا في الوقت ذاته، وهو يتكون  من  نوعين  من  الخلايا: الخلايا الغروية، والخلايا العصبية، وهي الخلايا الأساسية للتعلم، ويبلغ عدد الخلايا العصبية حوالي ( 100) بليون  خلية، وترتبط كل خلية بالأخر  لتكِّون  شبكة مسؤولة عن  السيطرة على كل الوظائف العقلية. ويسيطر الدماغ على جميع الانفعالات الإنسانية التي تشمل الحب، والكره، والخوف، والغضب، وغيرها.  إضافة  إلى أنه يستقبل ويفسر الإشارات التي تصل  إليه من  الأجزاء الأخرى  من  الجسم ومن  البيئة الخارجية     (السلطي ، 2004م).
         هذا فإن التعلم والمعرفة وفاعلية الدماغ لا تعتمد على عدد الخلايا العصبية، ولكن على عدد التشابكات، فالتشابكات تخرج من  الخلية العصبية على شكل فروع؛ حيث  إنه لا يمكن  تنمية خلايا عصبية جديدة في الدماغ؛ ولكن  يمكن  تنمية فروع جديدة للخلايا العصبية، وذلك من  خلال الاستجابة الجسمية للتعلم، ففي كل وقت يتم تعلم شيء جديد، فإن  الوصلات أو التشابكات تنمو بين  الخلايا العصبية                                    (ننلي ،2010م) .
         من  خلال العرض السابق نكون  قد استعرضنا تركيب الدماغ ومكوناته الأساسية التي تهمنا في عمليتي التعليم والتعلم، وكلما كان المعلم على معرفة بالدماغ وتكوينه وتعيقداته، استوعب هذا التعقيد وسهل مهمته، وكان أقدر على استخدام أساليب واستراتيجيات تعليم وتعلم مبنية على فهم وظائف وقدرات الدماغ، وزيادة نمو الوصلات الجديدة بين  الخلايا العصبية من  خلال الممارسة، والتغذية الراجعة، والتجديد، والتفاعل.
    المبادئ الأساسية للتعلم السريع:
         تتمثل المبادئ الأساسية للتعلم السريع الطرق الرئيسية لترجمة أبحاث الدماغ  إلى واقع عملي في حجرة الصف، وفي هذا الصدد نذكر أهم المبادئ الأساسية لهذا الأسلوب كما يلي :
    (ماير، 2010م  ، ومركز دبي للتعلم السريع، 2012م):
    1- لابدّ أن ينسجم التعلم مع الطريقة التي يعمل بها الدماغ: فالدماغ ليس معالجاً تتابعيًّا خطيًّا، بل هو معالج متعدد المسارات، ويزداد تطورًا كلما كبر التحدي لفعل أشياء أكثر دفعة واحدة. والتعلم الناجح هو الذي يُدخل الطلاب في عملية التعلم على عدة مستويات من  ذواتهم دفعة واحدة، المستويات الواعية واللاوعية، العقلية والجسدية، وصولاً  إلى نظامهم العقلي الجسدي عبر الحواس.
    2- التعاون  يساعد على التعلم : يتعلم الطلاب بشكل أفضل في بيئة تعاونية. فالتعلم من  الأقران  أكثر جدوى  من  التعلم بأي وسيلة أخرى ، والتعاون  يُسرّع التعلم، في حين أن التنافس يبطئه .
    3- التعلم ضمن  السياق : يتعلم الطلاب بشكل أكثر فعالية في بيئة العالم الحقيقي وحين  ممارسة المادة عمليًّا، مع وجود تغذية راجعة، في حين  أن  المواد التي يتم عزلها عن  سياقها الحقيقي غالباً ما تكون  سريعة التبخر من  الدماغ .
    4- يتحسَّن  التعلم عندما يُقدَّم بطرق متنوعة: لكل منا أسلوبه المُميز في استقبال المعلومات ومعالجتها، ولكي يستفيد الطالب أكبر استفادة ممكنة من  التعلم لابدّ أن  تقدم له مائدة متنوعة الأطباق غنية بخيارات متعددة للتعلم.
    5- يطبق التعلم الناجح مبادئ الذاكرة : للدماغ قدرة أكبر على معالجة الصور من  معالجة الكلمات، فالصور وخاصة الملونة منها أسهل للتذكر من  الكلمات. والطالب يتذكر المختلف والمميز بسهولة، ويتذكر الأشياء المترابطة والموجودة بمجموعات، وينسى العادي والممل بسرعة.
    6- المشاركة الفعالة من  قبل الطلاب:    التعلم هو عملية بناء المعرفة من  قبل الطالب نفسه؛ وليس استهلاكاً لها، فالطالب يتعلم بشكل أكثر فعالية عندما يشترك في العملية التعليمية بشكل حقيقي ويحمل مسؤولية تعلمه؛ لذلك يرتكز التعلم السريع على النشاطات؛ وليس على المحاضرات والعروض. ويعتمد التعلم على كامل الجسم والعقل؛ ويُشغل الطالب عقليًّا وعاطفيًّا وجسديًّا .
    7- البيئة الإيجابية: يتم التعلم بشكل أفضل في بيئة مريحة ومحفزة تساعد على الشعور بالأمان ، وتوحي بتوقعات إيجابية للنجاح. وتعد المتعة من  المتطلبات الأولى للتعلم الناجح؛ حيث    شعور الطالب بمشاعر  إيجابية يُسرّع من  التعلم، في حين  أن  المشاعرالسلبية تثبطه.
         ويتضح مما سبق أن  هذه المبادئ هي أساس التعلم السريع، حيث يتم تعريف الطالب بالمخرجات التي ينبغي تحقيقها، وتشجيعه  على التعلم، وزيادة ثقته  بنفسه  من  خلال النشاطات الجماعية، والحوارات الثنائية، والمناقشات، وتبادل الأفكار مع الطلاب بعضهم  البعض، وحل أوراق العمل المصاحبة لكل نشاط، ودعم عملية التعلم من  خلال توظيف الحواس، وسرد القصص المثيرة في بعض الدروس، ومناقشة الطلاب حول ما دار في الدرس، واستخدام العرض اللفظي والسمعي المرئي، وتنظيم الدروس بصورة تسمح بالحركة والتعاون ، وتوفير جو من  المتعة والمرح؛ كاستخدام المؤثرت الصوتية، والأناشيد، والتنويع في الأسلوب؛ كالألعاب التعليمية وتمثيل الأدوار والكاريكاتير، والألغاز. كما أمكن  الاستفادة من  هذه المبادئ وتفعيلها فيما يخص البيئة التعليمية بمكونيها المادي والنفسي.
    مقارنة بين التعلم المعتاد والتعلم السريع
    التعلم المعتادالتعلم السريع
    التعلم هو امتصاص المعرفة.التعلم هو المعرفة التي تأتي بالتجربة و إيجاد المعنى والقيمة من  قبل الطالب.
    صلبمرن
    جديممتع
    مركز على الوسائلمركز على النتائج
    فرديتعاوني
    شفهيمتعدد الحواس
    عقلي(معرفي)عقلي وعاطفي وجسدي
    (ماير،2010م ).
         ويتضح من  الجدول السابق أن التعلم السريع يجعل من  الفصل نموذجًا رائعًا في التفاعل والتناغم مع الدرس والنشاط والمتعة، وهو ما يمكن  أن  يسهم بشكل  إيجابي في عملية التعلم. أما  إذا تعامل المعلم مع الطلاب بصفته مستهلك للمعرفة لا منتج لها كما في التعلم المعتاد ؛ فإن  هذا سينعكس سلباً على العملية بأسرها، ويُوجد نوعاً من  الكآبة والملل، وقد تتوقف قدرة الطلاب على اكتساب المعرفة والمهارة الجديدة.
    مكونات النجاح في التعلم السريع :
         لكي يحقق التعلم السريع هدفه هناك مكونات ودعائم أساسية للنجاح يجب أن  تكون  متوفرة ، وفيما يلي وصف لكل مكون  من  مكونات نجاح التعلم السريع كما ذكرها       (Jensen:2010) :
    أولا:ً استعداد الطالب وتكيفه :
         المعلم في التعلم المعتاد يأمل أن  يأتي الطالب وهو يملك الدافع والاستعداد للتعلم، أما معلم التعلم السريع فيفترض أن  الطالب يحمل في داخله مشاعر سلبية تحول دون  التعلم، ومنها: الخوف من  الفشل، والاعتقاد بأن  التعليم عملية شاقة، ويمكن  تخطي هذه المشاعر من  خلال التفاعل الإيجابي من  قبل المعلم، والتعزيزات اللفظية، والعمل الجماعي، والتعاون .
    ثانياً : التعلم القائم على الطالب :
        التعلم المنصب على الطالب ينمي لديه حس المسؤولية، فيزيد مستوى  الإنجاز، وتزيد نسبة استمتاع الطالب بالتعلم ، ويمكن  تطبيق ذلك من  خلال العمل الجماعي، ومنح الطلاب مادة ومطالبتهم بابتكار لعبة متوافقة مع هذه المادة، أو تمثيل الأدوار، وتوفير روح الاحترام، والثناء، والقبول .
    ثالثاً : توظيف المشاعر :
         يعد التعليم أكثر سهولة بالنسبة للطالب حينما يحتوي على قدر من  المشاعر، فالمشاعر تسهل العملية التعليمية، وتثير الكيمياء الإيجابية داخل العقل، مما يمكن  أن  يقود  إلى الشغف الدراسي في المستقبل، وفيما يلي بعض الأمثلة لطرق توظيف المشاعر :
    - المسرح والتمثيل. - الأناشيد. – الألعاب القائمة على التعاون .
    - المسابقات. - الألعاب باستخدام البطاقات، أو الكرة، أو المواقف.
    رابعًا : البيئة المادية الإيجابية للتعلم :
         يجب أن  تكون  البيئة المادية مريحة وجذابة ومجهزة بالإشارات البصرية والأصوات. كما يمكن  وضع بعض اللوحات التي تؤكد على النجاح، بالإضافة  إلى توفر وسائل الإضاءة الطبيعية وبعض الروائح العطرية التي تضيف مؤثرًا خاصًا و إيجابيًا  إلى حجرة الصف، ويجب أيضًا أن  تتوفر خرائط عقلية تشمل المحتوى  الدراسي، وأناشيد باعثة على النشاط.    مثل هذا المناخ التعليمي الثري يمثل منبهاً للعقل، فهو يوجد الابتكار، ويشجع المتعلم على دخول عالم مختلف (جنس  ، 2010م ) كما يمكن  تغيير وضع وترتيب المقاعد لدعم أهداف التعلم و إضافة بعض الأزهار والنباتات، واستخدام بعض الألوان  والألعاب          (ماير ، 2010 ).
         و تؤكد ليهيكا (  2004م) نقلاً عن  مكفي  Mcpheeعلى أهمية البيئة الإيجابية بقولها : "   البيئة هي الشيء الأول الذي نقابله لدى  قدومنا  إلى التعلم. و كيفية فهمنا و إدراكنا للمحيط وللجو سيكون  هو كل شيء في نجاحنا في التعلم، ولذلك فإن  تأسيس  إطار عمل التعلم السريع يقع هنا"
    خامساً : الإيحاءات الإيجابية :
         يخفي الكثير من  الطلاب مشاعر سلبية تجاه عملية التعلم؛ حيث يختزنوا  في لاوعيهم صورة التعليم الرسمي، ويربطونها بالألم والضغط النفسي. كما يمكن  للمعلم أن  يكون  له دور في زرع الإيحاءات السلبية لدى  الطلاب؛ فمثلًا: ممكن  أن  يقول: أعلم أن  الموضوع ليس بسهل وقد يصيبكم بالملل، لكن  حافظوا على تركيزكم رجاء، وحتى يتمكن  المعلم من   إزالة هذه المشاعر السلبية؛ فعليه أن  يقدم للمتعلم عبارات تحتوي على  إيحاءات  إيجابية يتلقاها بكليته على مستوى  وعيه ولا وعيه، وبذلك يكون  لهذه الإيجابية أثر عميق على العملية التعليمية. ومن  الإيحاءات الإيجابية كأن  يقول المعلم: سوف تكون  حصة ممتعة، وهذا الدرس يفيدكم في الحياة العملية، هذا الدرس سهل للغاية وستتعلمونه بسهولة (ماير،2010 ) إضافة  إلى أن  كل شيء يقوم به المعلم يذكر العقل بشيء ما، فالأدوات التي يستخدمها، وتنظيم أماكن  الجلوس، ونبرة الصوت، والإيقاع، كل هذا يبعث بإشارات خاصة، ويمكن  تطبيق الإيحاءات الإيجابية من  خلال ما يلي                                            ( جنسن ، 2010 ) :
    الملصقات التي تعبر عن  تعزيزات لفظية  إيجابية .
    تحية الطلبة عند باب الفصل بابتسامة أو مصافحة .
    الأناشيد الباعثة برسائل  إيجابية .
    استخدام القصص التي تدور حول موضوعات تصل  إلى العقل الباطن  .
    إمداد الطالب بشكل مستمر بتعزيزات لفظية، وبصرية، وحركية تدعم قدراته وجهوده.
    سادسًا: أنماط التعلم، ومفاتيح الذاكرة، وأنواع الذكاءات المستخدمة :
    أنماط التعلم حسب الحواس المستخدمة:
         وتعرف منظمة اليونسكو( 2008م) أنماط التعلم بأنها: "مجموعة من  السمات المعرفية، والنفسية والحسية (السمعي والبصري، والحركي) والتي تشكل في مجملها الطريقة التي يتعلم بها الطلاب الموضوعات المرتبطة بالمواد الدراسية المختلفة بشكل أفضل وأسرع من  غيرها من  الطرق والأساليب"
         ومن  أنماط التعلم الشائعة ما يلي (منظمة اليونسكو: 2008م) :
    أ- نمط التعلم البصري:
         هو طريقة التعلم المفضلة لدى  الفرد والتي تعتمد على استخدام المثيرات البصرية لفهم خبرة التعلم والتفاعل مع بيئة التعلم، والطالب ذو النمط البصري في التعلم يفضل طرق التعليم التي تعتمد على استخدام المواد التعليمية المكتوبة، واستخدام الرسوم التخطيطية والخرائط.
    ب- نمط التعلم السمعي:
         هو طريقة التعلم المفضلة لدى  الفرد والتي تعتمد على استخدام المثيرات السمعية لفهم خبرة التعلم والتفاعل مع بيئة التعلم. ونلحظ أن  الطالب ذو النمط السمعي يفضل طريقة التعلم التي تعتمد على استخدام المواد التعليمية المسموعة؛ مثل: أشرطة الكاسيت، والعمل في مجموعات، والاشتراك في المناقشات، كما يفضل التفاعل مع الآخرين  عن  طريق لعب الأدوار.
    ج- نمط التعلم الحركي:
         هو طريقة التعلم المفضلة لدى  الفرد والتي تعتمد على استخدام يديه وجسمه لفهم خبرة التعلم والتفاعل مع بيئة التعلم. والطالب ذو النمط الحركي يفضل طريقة التعلم التي تعتمد على القيام بالأنشطة اليدوية؛ مثل: القيام بعمل نموذج يوضح المفاهيم الرئيسية، فضلاً عن  كتابة الأنشطة التي عليه القيام بها، والتعلم النشط، واستخدام الكمبيوتر، وألعاب المحاكاة، وغيرها.
         ويضيف ماير  Mayer ,2010نمطًا رابعًا من  أنماط التعلم؛ وهو :
    د- نمط التعلم الفكري :
         هو طريقة التعلم المفضلة لدى  الفرد والتي تعتمد على استخدام العقل في عمليات التفكير بالتجارب، و إيجاد الروابط والمعاني، وحل المشاكل، والطالب ذو النمط الفكري يفضل طريقة التعلم التي تعتمد على حل المسائل العلمية، وتحليل التجربة، وتطبيق أفكار جديدة .
    مفاتيح الذاكرة :
         هناك مجموعة من  التقنيات والأدوات التي يمكن  للمعلم أن  يستخدمها في حجرة الصف والتي تضيف جوًّا من  المتعة والحماس، و تجعل التعلم قابلاً للتذكر، كما أنها تستثير دافعية الطلاب للتعلم، وتؤثر على الدماغ؛ نذكر منها :
    الإيقاع والأصوات :
         يمكن  جعل ما يتعلمه الطالب أكثر قابلية للتذكر باستخدم الإيقاع خلال التعلم(الأناشيد)؛ حيث يساعد على استرخاء الطالب، وحين  يسترخي يصبح التعلم أكثر سهولة. كما أن  الإيقاع يحفز الجزء العاطفي في الدماغ، وهو المسؤول عن  الذاكرة طويلة الأمد، ومن  هنا يتضح الارتباط العضوي بين  الإيقاع والذاكرة في دماغ الإنسان .
    ( ماير ، 2010 ) و  ( النجار وهواري ،2010م) .
         كما ذكرت ليهيكا Leheck,2004أن  جاتفا  Gatevaقد ركزت انتباهها في تدريب المدرسين  في التعلم السريع على الاستخدم المتناوب لنبرات الصوت، وفي استخدم النبرات المرتفعة والمنخفضة .
         وتشير الأدبيات  إلى أن  الإيقاع والصوت هما أحد أكثر الطرق فاعلية في التعلم، ويمكن  استخدامها في أغراض مختلفة منها:
    -  إحماء بيئة التعلم، وملئها بالحيوية والطاقة والمتعة والمرح .
    -  إيجاد ترابطات  إيجابية ومشاعر منفتحة لدى  الطالب.
    - تحفيز شق المخ الأيمن  الذي يُنشط معظم أجزاء المخ .
    - زيادة حالة الانتباه والتركيز.                       (ماير ،2010  ) و(جنس  ، 2010) .
    2- استخدام فنون الذاكرة .
         ذكر جنس  (2010  ) طرق عديدة تساعد الطلاب على تذكر ما تعلموه نذكر بعضاً منها كما يلي :
    الحركة من  خلال المسرح، أو لعب الأدوار، أو أي لعبة مرحة .
    2- استخدام نظام الربط بين  الفكرة والفكرة التالية .
    استخدام روح الدعابة، فالفرد يتذكر الأشياء المضحكة والغريبة.
    جعل المجموعة تعلم بعضها البعض من  خلال تشكيل مجموعات صغيرة.
    التعليم في أماكن  مختلفة؛ بحيث يسهم كل مكان  بإشارة تثبيت .
    استخدام مقاطع الفيديو أو الصوت .
    استخدام القصص لكي توصل المعلومة وتثبتها .
    جعل التعليم مرتبطًا بحياة الطالب الشخصية .
    التركيز على التغذية الراجعة .
    10- استخدام العروض للتركيز على الأفكار الرئيسية .
    إعداد الطلاب خرائط عقلية لما تعلموه، وتبادل خرائطهم العقلية مع باقي زملائهم في الفصل.
    3-  السِمـــــــات :
         السِمة هي فكرة عامة تُشكل  إطاراً للدرس، وتشمل المكان  والتمارين  والملابس؛ فمثلاً:  إذا كانت السمة رحلة فضائية سيكون  ديكور الفصل وأدوار الطلاب وملابسهم لها علاقة بالرحلة الفضائية؛ حيث تساعد في توليد أفكار من  أجل  إيجاد مناخ ملائم للتعلم، وتُضفي جوًّا من  المرح، كما أنها تربط أطراف محتوى  الدرس ببعضها البعض           (ماير ، 2010 ) .
    4- الروائــــــــــح :
         تقع الأجزاء التي تعالج الروائح في الجهاز الحوفي، وهو مسؤول عن  الذاكرة؛ لذلك يصعب على الفرد أن  يمحو من  ذاكرته عطراً شمه في صغره، وبمجرد أن  يشمه تهب عليه ذكريات تلك المرحلة، وبنفس الطريقة تؤثر الروائح في البيئة على الحالة المزاجية للطالب، ولقد أثبتت التجارب أن  للروائح دورًا تؤديه في النشاط الذهني، فرائحة الحمضيات تحفز الوعي، وتعطي رائحة الفانيلا شعوراً بالاسترخاء، في حين  تعطي رائحة القرفة شعوراً بالمرح والود.
     (ماير، 2010 ) .
    5- الألــــــــــوان :
    تعتبر الألوان أداة قوية جدًا، وقد قامت فونتيلا وآخرون  ( 1999) بقياس القيمة النسبية للإشارات مقارنة بإشارات الألوان  في التعلم والذاكرة، وبقياس ذاكرة الألوان والكلمات تذكر الطلاب الألوان  بشكل أفضل (جنسن ، 2009م) كما أن  الدماغ الحوفي يحب الألوان  ويلحظها                                                        (النجار وهواري ،2010م) .
    6- تقنية استثارة الأسئلة :
       القدرة على طرح الأسئلة هي دليل على العقل النشط المتطلع  إلى المعرفة، وهي إشارة  إلى متعلم عالى المستوى . وعلى الرغم من  أهمية الأسئلة في العملية التعليمية؛  إلا أنه شاع في الفصول الإعتيادية  إحجام الطلاب عن  طرح الأسئلة اعتقادًا منهم أن  كثرة الأسئلة تدل على الغباء. بينما تعد الأسئلة من  التقنيات التي تحفز الطلاب على السؤال     (ماير ،2010م ) .
    7- الألعاب التعليمية :
         يرى  ماير ( 2010) أنه ليس هناك حالة يكون  فيها الفرد في استحواذ كامل على طاقاته وقدراته كما في حالة اللعب، الإحساس باللعب والمرح يطلق كل أنواع الإندورفينات الإيجابية في الجسد، ويساعد على التعاطي مع الذات بكلية. كما أن الألعاب تساعد على التخلص من  الجدية المفرطة التي تثبط النشاط، والتخلص من  الضغط النفسي في قاعة الصف، بالإضافة  إلى أنها تتيح للطلاب المشاركة الكاملة والانخراط في العملية التعليمية.
    8- الصورية :
         تعد الصورية أداة ذات فعالية عالية يمكن  الاستفادة منها في تسريع التعلم، و بقائه حيًّا لفترة طويلة، ويعود ذلك  إلى طبيعة الدماغ؛ حيث  إن  جزءًا صغيرًا منه يُعنى بتحليل الكلمات ومعالجتها، في حين  أن  الجزء الأكبر من  الدماغ يعالج الصور بأشكالها المتعددة: السمعية، والبصرية، والشمية، والذوقية، والحسية، والعاطفية. لذلك يفضل الدماغ التعامل مع الصور بدلاً عن  الكلمات                                                           (ماير ،2010م ).
         ومن  أشكالها: الجرافيكس، التشبيه، الأشياء المادية، خرائط العقل، القصص، وغيرها.
    3- الذكاءات المتعددة :
         لقد ظلت الممارسة التربوية مقيدة حتى وقت قريب بنظرة ضيقة للذكاء؛ حيث  إنها تعتبر ذكاء الطالب عبارة عن  قدرة واحدة يمكن  تلخيصها من  خلال رقم معين  يصطلح عليه "معامل الذكاء"، وردًّا على هذا المنظور الضيق ظهرت في السنوات الأخيرة العديد من الدراسات والنظريات السيكولوجية؛ لكي تثبت أن  الذكاء الإنساني يشتمل على مهارات متعددة، وتدعو الأنظمة المدرسية  إلى مراجعة تعاملهم مع الطلاب، وذلك بمراعاة القدرات المختلفة لديهم، وعدم التركيز فقط على المهارات اللغوية والرياضية، ولعل أهم نظرية تذهب في هذا الاتجاه الجديد هي نظرية الذكاءات المتعددة التي بلورها الباحث الأمريكي جاردنر Gardnerولقد توصل  إلى أن  القدرة العقلية عند الإنسان  تتكو  من  عدة ذكاءات مستقلة ع  بعضها البعض  إلى حد كبير        (عامر، 2008 ) .
         في الواقع واحدة من نظريات العلم التي يغفل عنها الكثير من التربويين تقول بأنّ: الدماغ كُلٌّ متكامل يتفرع في كل أنحاء الجسم ويعمل كوحدة وظيفية، وتتوزع الذاكرة في شتى أجزاءه. فالتعلم والتفكير وفقاً لهذه النظرية هو عمل يقوم به الجسم البشري كاملاً وليس الرأس فقط. فالدماغ والجسد يُعالجان المعطيات بشكل متزامن ووفق سياق كامل وليس بشكل متعاقب وفق تفاصيلَ معزولة !!!
         نحن اليوم بحاجة لاستخدام كامل العقل والذات (الجسد+ المشاعر +الإحساسات) وهذا هو الحل الأمثل لتحقيق تعلم أسرع وأكثر متعة وفاعلية.
         و نؤكد أن التعلم السريع ليس مرتبطًا بتقنيات أو أساليب معينة؛ و إنما هو قائم على مبدأ أساسي ذكره ماير ( 2010 ( بقوله: " افعل ما يؤدي المهمة، واستمر في البحث عما يؤديها بشكل أفضل"وهذا يعني استخدام هذه المكونات بما يحقق النتائج المرجوة ويضيف فائدة حقيقية للتعلم، دون  المبالغة في ذلك .
    مراحل التعلم السريع (حلقة التعلم السريع) :
         المتأمل في مجال التعلم السريع يجد أنه يمر بأربع مراحل، ولقد اختلف الباحثون  والعلماء في تسمية المراحل التي يمر بها التعلم السريع، فذكر سميث ولافوت ووايز  Smith, Lovatt,Wise 2010 أن  حلقة التعلم السريع مؤلفة من  أربع مراحل؛ وهي:
    مرحلة الربط .
     مرحلة التفعيل .
    مرحلة العرض .
    مرحلة التثبيت .
         أما ماير ( 2010) فحدد التعلم السريع بالمراحل التالية :
    مرحلة التحضير: مرحلة اجتذاب الاهتمام.
    مرحلة العرض: مرحلة التقديم الأولي للمعرفة الجديدة، أو المهارة التي يتم تعليمها، فهي مرحلة المواجهة الأولى بين  المتعلّم ومادة التعليم.
    مرحلة التمرين  : مرحلة تكامل المعرفة الجديدة أو المهارة الجديدة.
    مرحلة الأداء : مرحلة تطبيق ما تعلّمه المتعلم على حالات من  الحياة الحقيقية .
         ويجدر التنوية بأنه رغم اختلاف مسميات المراحل الأربعة للتعلم السريع؛  إلا أن  كل تسمية تدل على المرحلة نفسها، وتركز هذه المراحل على التعلم والطالب؛ وليس على التعليم والمعلم، وتكون  مهمة المعلم في ذلك تسهيل عملية التعلم.
    مراحل التعلم السريع لماير :
         على اعتبار أنها الأكثر شيوعاً في التطبيقات العربية،  ويتضح أن  التعلم السريع عبارة عن  حلقة دائرية مترابطة تتكون  من  أربع مراحل متداخلة، ولابد من  توفر هذه المرحل الأربعة جميعًا وبتوازن  منطقي؛ حتى يتم التعلم الحقيقي. وفي كل مرحلة يمكن  استخدام مجموعة من  التقنيات المختلفة التي يمكن  للمعلم أن  يستخدمها في حجرة الصف والتي تجعل الطالب أكثر تفاعلاً في العملية التعليمية .
    وفيما يلي وصفًا موجزًا لكل مرحلة منمراحل التعلم السريع :
    المرحلة الأولى : التحضير:
         تُعنى مرحلة التحضير بإثارة اهتمام الطلاب ووضعهم في الحالة المثلى للتعلم. والهدف من  التحضير: هو  إخراج الطلاب من العقلية اللامبالية أو السلبية، واستثارة اهتمامهم وفضولهم، و إعطاءهم مشاعر  إيجابية نحو الموضوع، و إزالة العوائل أمام العملية التعليمية كإحساس الطالب بالفشل والملل، وعدم الفائدة من  الموضوع المطروح                       ( ماير، 2010م ) .
    مكونات مرحلة التحضير:
         من  الأمور التي تدخل ضمن إطار تحضير الطلاب لعملية تعليمية جديدة ما يلي :
    الإيحاءات الإيجابية .
    البيئة المادية الإيجابية .
    تحديد الأهداف والمنافع العائدة على الطالب .
    مجموعة أدوات التحضير المسبق .
    بيئة اجتماعية  إيجابية .
     تحديد الأهدداف والمنافع العائدة على الطالب :
         يحتاج الطلاب  إلى فهم الهدف من  تعليمهم؛ لذلك على المعلم  إعطاء الطلاب صورة واضحة عما سيتعلمونه، وربطهم بأهداف ذات معنى بالنسبة لهم (ماير ،2010م ) فالمخ البشري مصمم للسعي وراء المعنى، ولا يستطيع تعلم معلومات منفصلة؛ وخاصة  إذا كانت خالية من  أي بهجة أو معنى، فكلما كانت المعلومات شخصية ومتعلقة بالطالب؛ فسوف يشعر بمدى  عمقها وأهميتها، و إذا شعر بهذا العمل؛ فغالبًا ستصبح ذات مغزى  مهم له (جنسن ،2010 ) إضافة  إلى أنه من  المفيد منذ بداية الدرس أن  يشرح المعلم المنافع التي ستعود على الطلاب؛ حيث يتحسن  التعلم بشكل كبير  إذا كان  الطلاب على دراية بالفائدة الحقيقية من  موضوع ما، فإذا لم يجد الطلاب الفائدة من  هذا الموضوع فما الذي يمكن  أن  يدفعهم للاستجابة له ؟
         ويمكن  التفريق بين  الأهداف والمنافع من  خلال فهم أن  الأهداف هي الجواب على السؤال "ماذا؟"، في حين  تجيب المنافع على  السؤال "لماذا؟"              (ماير ،  2010 ) .
    7 - مجموعة أدوات التحضير المسبق:
       التعرض المسبق للمعلومات يجعل التعلم التالي يتم بشكل أسرع ، فالعقل يملك وسيلة لوضع الأفكار في منطقة انتظار؛ بحيث يصل  إليها بشكل سريع، فإذا بقيت المعلومة بلا استخدام، ولم يتم الرجوع  إليها لفترة طويلة؛ فسوف تبقى غير متصلة وعشوائية؛ ولكن  إذا تم عرض المعلومة مرة أخر ؛ فسوف تكون  عملية الفهم واستخراج المعنى سريعة. ويذكر مايكل جازانيجا (1992 ) أنه في التجارب التي أجريت في ستنافورد زاد معدل التعلم والتذكر عندما تم تقديم الموضوع قبل تعرض الطلاب للمادة العلمية الجديدة (جنسن  ،2009م)
         ومن  الأدوات والوسائل للتحضير المسبق ما يلي (جنسن  ، 2010م) :
    تصفح كتاب المادة.
    مشاهدة فيلم فيديو عن  المادة.
    مناقشة الطلاب للموضوع مشافهة.
    تمثيل الموضوع في خرائط العقل.
    عرض شرائح خاصة بالموضوع.
    أن  يجمع الطلاب أفكارًا عن  الموضوع.
    الصور والخرائط الملونة في حجرة الصف.
    - بيئة اجتماعية إيجابية :
         على المعلم تكوين  بيئة تعاونية منذ اللحظة الأولى للتعليم، فهذا يخفف من  الضغط النفسي على الطلاب، ويحقق استفادة مثلى من  قدراتهم العقلية، على عكس التنافس الذي يوجد حالة من  الدفاع الذاتي والضغط؛ فقد أثبتت دراسة أجرتها جامعة (مينيسوتا) في مجال التعلم المُعتمد على الحاسب أن  ناتج التعليم كان  أفضل بكثير للجميع عندما طُلب  من كل المتدربين  أن  يتشاركا العمل على حاسب آلي واحد، وتم تصميم النشاط بحيث يضمن  أن  يحدث نقاش بين  الطرفين  ومشاركة في الفهم والخبرة                                   (ماير ،2010) .
         ويذكر الباحثان  روزنثال و جاكوبسون  أن  أكبر تأثير على الطلاب هو المناخ العام للفصل، فجو الفصل الذي تتوافر فيه البهجة يفرز الجسم مادة الأندورفين  والتي تسبب الشعور بالسعادة، وعندما يشعر الطالب بالسعادة فهو يتعلم بصورة أفضل       (جنسن  ،  2009م) .
          مما سبق نجد أن  مرحلة التحضير هي المرحلة الأساسية من  مراحل التعلم السريع، ويؤكد ذلك ماير (2010 ) بقوله : "    هذه المرحلة هي أشبه بتحضير الأرض لزراعة البذور،  إذا قمنا بها بشكل صحيح فإننا نوفر الظروف الملائمة لنمو التعليم"
    المرحلة الثانية : العرض :
         تتضمن هذه المرحلة مساعدة الطلاب على الاطلاع على المعلومات الأساسية اللازمة في الموضوع. وتهدف  إلى  إعطاء الفرصة للمتعلمين  لمواجهة المادة التعليمية الجديدة بشكل ممتع ومترابط ومتعدد الحواس ويقارب كل الأنماط التعليمية. ويمكن  القيام بذلك من  خلال عروض تفاعلية، ومواد توضيحية مثيرة للاهتمام ومليئة بالألوان  ، ومشاريع تعتمد على العمل في مجموعات من  شخصين  أو كفريق، بالإضافة  إلى تبادل الأدوار ووسائل أخرى ؛مثل: القصص أو استخدام الوسائل التعليمية البصرية والإلكترونية، أو عمل جداول أو خرائط ذهنية لتصوير المعلومات                        (ماير ،2010م ؛ سميث وآخرون  ، 2010م  ) .
         ويتضح مما سبق أن  مرحلة العرض هي مرحلة لإكساب الطلاب المعلومات اللازمة حول الخبرة الجديدة، وذلك من  خلال  إتاحة الفرصة للطلاب للمشاركة في بعض الأنشطة المتنوعة بصورة فعالة تساعده  على التمكن  من  المحتوى  وزيادة دافعيته  للتعلم.
    المرحلة الثالثة : التمرين :
         تعد مرحلة التمرين هي جوهر التعلم السريع؛ حيث  إنه بدون  التمرين  لا  تكون  هنالك فرصة للتعلم الحقيقي، وتشكل هذه المرحلة ما يصل  إلى70% من  مجمل العملية التعليمية( ماير ،2010م )  وهذه المرحلة مرتبطة ارتباطاً وثيقًا مع مرحلة العرض؛ حيث تشكلان  حلقة مع بعضها البعض. وتتيح هذه المرحلة فرصة للطلاب لإظهار مدى  فهمهم واستيعابهم عبر تمارين  متنوعة وبأساليب متعددة، تُؤمن  درجة عالية من  التفاعل في الصف، وتُقدم تغذية راجعة بناءة،  إضافة  إلى أنها تُركز على الطالب(سميث وآخرون ، 2010 ) وتهدف  إلى مساعدتهم على استيعاب المعطيات الجديدة، و إتاحة الفرصة للتكامل مع معرفتهم السابقة بأكبر عدد من  الطرق، ويتم ذلك من  خلال التغذية الراجعة، وحل التمارين ، والنقاش مع شريك، والحركة أثناء التعلم، والحوار الثنائي أو الجماعي ( ماير ، 2010  )
        يتضح مما سبق أن مرحلة التمرين  يتم فيها تقديم العديد من  الأنشطة والتمارين  المتنوعة والممتعة التي تزيد من  استيعاب الطالب للمفاهيم والمهارات، وتجعله  أكثر نشاطاً وتفاعلاً و إيجابية في عملية التعلم، الأمر الذي يجعل نواتج التعلم باقية في أذهانه  ووجدانه ، فيتحقق الفهم لديه  ويشعر  بثقته  بنفسه  .
    المرحلة الرابعة : الأداء :
         تمنح مرحلة الأداء فرصة للطالب ليتفكر فيما تعلمه وكيف تعلمه، وكيف يستطيع أن  يطبق المعرفة في مكان  آخر؟ ولاسيما عندما يعطي المعلم أمثلة تبين  له كيف يُطبق الجديد مما تعلمه في الواقع خارج نطاق حجرة الصف. كما يمكن  أن  يقدم المعلم نظرة عامة لما سيأتي في الدروس القادمة. ويمكن  القيام بذلك من  خلال مجموعة من  النشاطات كتطبيق عملي، ووضع أفكار الدرس في خريطة ذهنية، وعمل مسابقات واختبارات مسلية، وتحويل المعلومات  إلى أنشودة                                       (سميث وآخرون  ،2010م ) .
         ويتضح مما سبق أن  هذه المرحلة يتم فيها بلورة الأفكار وتنظيمها وتلخيصها عن طريق توجيه الطالب لرسم خريطة ذهنية، أو عمل التكليفات المنزلية، أو ممارسة بعض الأنشطة؛ كالمسابقات والألعاب؛ بحيث يستطيع تطبيق ما تعلمه من  مفاهيم ومهارات في مواقف جديدة .
    أدوار المعلم فى التعلم السريع :
         ولكى  يحقل التعلم السريع أهدافه،  لابد من قيام المعلم بمجموعة من  الأدوار وهي كما يلي (أمبو سعيدي،2011م) :
    1- بناء علاقة جيدة مع الطلاب من  خلال الاهتمام بهم ، ومعرفة أسمائهم ، واحترامهم ، وتشجيعهم .
    أن  تكون  توقعاته نحو الطلاب  إيجابية، كما عليه استخدام تقنيات واستراتيجيات تدريس متنوعة تجعل الطلاب أكثر ارتياحًا في الحصة .
    المراجعة لما تم تعلمه في الحصة السابقة،  إما بشكل فردي، أو جماعي، مع الاهتمام بتوقعات الطلاب عن  الحصة الجديدة .
    عمل فترة راحة قصيرة في الحصة يقوم الطلاب فيها بعمل معين  لكسر الروتين  مثل الوقوف ثم الجلوس، أو أخذ نفس عميق، أو  إعطاء لغز معين ، أو حكمة معينة .
    غلق الحصة من  خلال المراجعة لما تم تعلمه باستخدام تقنيات مختلفة تراعي أنماط تعلم الطلاب المختلفة (السمعي ، البصري، الحركي، الفكري) كتوظيف الألغاز أو عمل لعبة معينة .
    أدوار المتعلم فى التعلم السريع :
    1- كن متجهزاً نفسيا
    2- أجمع المعلومات
    3- أستكشف الموضوع
    4- أحفظ النقاط الرئيسية
    5- أختبر مدى معرفتك
    6- مارس وقيم ما تعلمته
         و سوف نتناولها بالشرح كالاتى :
    الخطوة 1 : كن متجهزاً نفسياً
    * اجلس في مكان هاديء وأنظر الى نفسك وقد أنهيت تعلمك بنجاح.
    * تخيل خط النهاية.
    * مارس حركات استرخائيه.
    * بهدوء وضح الهدف لنفسك والوقت اللازم له.
    الخطوة 2 : أجمع المعلومات
    * أنظر الى الموضوع من أعلى(helocopter vision).
    * أطرح الأسئلة على نفسك عن الموضوع.
    * أستخدم الأقلام الملونة في كتابة الملاحظات.
    * أستخدم الأوراق اللاصقة والبوسترات لتدوين ملاحظاتك.
    * قسم الموضوع الى أجزاء صغيره يمكن تحقيقها.
    * أجمع المعلومات التي تناسبك.
    * حدد المعلومات المعروفة لديك.
    الخطوة 3 : أستكشف الموضوع
    * ارسم خريطة ذهنية(mind map)/لوحة بيانات.
    * استخدام الكروت( ndex cards)/الألوان.
    * تجربة لغتك الخاصة او العامية.
    * تسجيل الصوت على شريط كاسيت.
    * لعب الدور/تعليم شخص آخر.
    * أعاده تجميع الأسئلة.
    * ضع النقاط التي تريد تعلمها على لحن/قصيده/خلفيه موسيقية او اصوات طبيعي(هناك تسجيلات لصوت البحر او عصافير وماشابه).
    * أسس قاعدة للمعلومات المكتسبة.
    الخطوة 4 : أحفظ النقاط الرئيسية
    * تسجيل النقاط الرئيسية وترتيبها.
    * استخدام الكروت.
    * اختبار ما تستطيع تذكره:من الذاكرة او بالرسم او بالألعاب.
    * استخدام مفكرة الجيب.
    * الاسترخاء وترديد اللحن او القصيدة التي وضعتها في الخطوة السابقة.
    الخطوة 5 : أختبر مدى معرفتك
    * أختبر نفسك بالكروت بأن يكون الكرت بيدك تختلس نظرات الية كلما صعب عليك تذكر المعلومة.
    * أشرح الموضوع لشخص آخر.
    * أستمع لاقتراحات الآخرين.
    * ضع معايير لجودة ما ستكتسبه.
    * راجع الموضوع ذهنياً وتعلم من الهفوات.
    الخطوة 6 : مارس وقيم ما تعلمته
    * ماالذي تعلمته بشكل جيد؟
    * ماالذي أستطيع تعلمه بشكل أفضل؟
    * ماالذي سأتعلمه في المرة القادمة؟                                   
    تجارب التعلم السريع في الدول العربية :
         على الرغم من  عدم توفر دراسات عربية متصلة بالتعلم السريع، إلا أنه من  خلال الاطلاع على بعض مواقع المدارس العربية على شبكة الانترنت، وُجد عدد من  المدارس التي طبقت أسلوب التعلم السريع وأثبتت فاعليته في تحسين  عملية التعلم، ومن  هذه المدارس:
    مدرسة حمزة بن  عبد المطلب الإعدادية في قطر:
         تعتبر مدرسة حمزة بن عبد المطلب الإعدادية المستقلة للبنين  أول مدرسة تطبق مبادئ التعلم السريع ليس فقط في قطر؛ و  إنما في العالم العربي، كما أنها تعد من  المدارس الرائدة التي تسعى للحصول على الجديد في التعلم؛ حتى ترتقي بمستوى  طلابها، وينعكس ذلك على المخرجات التعليمية .
    مدارس الثغر النموذجية في السعودية:
         أسسها الملك فيصل بن  عبدالعزيز آل سعود في مدينة الطائف عام1966م، وانتقلت  إلى جدة عام 1380هـ، وأطلق عليها الفيصل اسم "مدارس الثغر النموذجية"، وقد افتتحت هذه المدرسة فصلين  للتعلم السريع، وهي  إضافة جديدة للتعلم تهدف  إلى مشاركة الطالب في  إضفاء طابع التجديد والخروج من  المدرسة الاعتيادية التي تجعل الطالب في دور المتلقي، وذلك في سبيل الارتقاء بالعملية التعليمية .
         وبالنظر إلى التجارب السابقة نجد أن  التعلم السريع بدأ يخطو خطواته الأولى في البلاد العربية، و انتشار هذا المفهوم، حيث قامت مجموعة من  المراكز التدريبية بإعداد دورات تدريبية تُعرف بمفهوم التعلم السريع وكيفية تفعيله في مجال التربية والتعليم.
    الدراسات السابقة المرتبطة بالتعلم السريع:
         في هذا المجال قام  يرلاند Erland,1999 بدراسة تجريبية استهدفت تقييم فعالية برنامج للتعلم السريع في تحسين  الإنجاز الأكاديمي لدى  مجموعة من  تلاميذ المدارس بإعداد برنامج للتعلم السريع قام بتطبيقه على (69 ) تلميذاً بالصفوف من (  4-8) تم توزيعهم على مجموعتين ؛ بحيث تمثل  إحداهما المجموعة التجريبية، في حين  تمثل الأخرى  المجموعة الضابطة. واستخدمت المنهج شبه التجريبي، وقد تعرضت المجموعات التجريبية لبرنامج تدريبي مدته ( 10) أسابيع (بواقع  40دقيقة)، شمل التدريب المهارات البصرية، والسمعية، واللمسية، والتغلب على بعض صعوبات التعلم، وتحسين  الذاكرة. وقد أظهرت النتائج وجود فروق جوهرية بين  المجموعتين  التجريبية والضابطة على اختبارات أيوا للمهارات الأساسية، وذلك في اتجاه تحسين  تلك المهارات لدى  أفراد المجموعة التجريبية.
         وقام فولر Fuller,2000 بإجراء دراسة هدفت  إلى فحص آراء المعلمين  في التغيرات التي طرأت على الطلاب، والتغيرات التي لحقت بأساليبهم في التدريس، وذلك في أعقاب تعرضهم لبرنامج متقدم في التعلم السريع في مادتي الرياضيات والعلوم. وقد أجريت الدراسة على طلاب ومعلمين  ينتمون  لمدارس ماساشيتس الحضرية بأمريكا، وقد تضمن  البرنامج تطوير التفكير الناقد، والتعلم التعاوني، والتعلم السريع، والذكاءات المتعددة، وأساليب التعلم. وقد أشارت النتائج المستمدة من  آراء المعلمين   إلى أن  الطلاب قد استفادوا من  الوقت الإضافي الذي عملوا فيه مع المعلمين  ضمن  هذا البرنامج، كما شعر المعلمون  بأن  هذا البرنامج كان  فعاّلاً داخل الفصل وفي المجتمع المدرسي، فضلاً عن  أنه زاد من  استمتاع المعلمين  والطلاب بعملية التعلم.
         كما كشفت دراسة جنكيز وآخرين   Jenkins, et al, 2010عن  أثر برنامج التعلم السريع على الطلاب. وأجريت الدراسة على ( 104) من  الطلاب الذين  خضعوا لبرنامج التعلم السريع في مادة اللغة الإنجليزية المستوى  الأول، و( 2070) من  الطلاب الذين  لم يخضعوا لبرنامج التعلم السريع تم اختيارهم من  جامعة بلتمور. واستخدمت الدراسة أسلوب البرنامج التدريبي " برنامج التعلم السريع" ، وأظهرت نتائج الدراسة فعالية برنامج التعلم السريع لطلاب اللغة الإنجليزية في تحسين  مستوى  الكتابة لديهم حيث بينت أن  برنامج التعلم السريع أكثر فعالية من  برامج التعلم المعتادة. وأشارت النتائج أن  المسؤولين  في جامعة بلتمور يخططون  لتركيز اتجاهاتهم نحو التوسع في برنامج التعلم السريع، والعمل على عقد الدورات التدريبية التي تساهم في استعداد الموظفين  لهذه المرحلة لتسهيل تطبيق هذا البرنامج.
         كما أجر  نيكوليت وبريوني  Nicolette & Briony, 2010 دراسة هدفت  إلى الكشف عن  تجارب طلاب الجامعة في دروس التعلم السريع، وبيان  أثر التعلم السريع على مهارات الطلاب وقدراتهم التعليمية وبالتالي على التحصيل الأكاديمي للطلاب. ولتحقيق أهداف الدراسة تمّ  إجراء عدد من  المقابلات مع أعضاء الجامعة الذي  خضعوا لدروس التعلم السريع المتكونة من  (12 ) جلسة لمدة ستّة أسابيع. كما اهتمت الدراسة بتحليل استبيان  خاص بالطلاب، وأشارت الدراسة  إلى أن  الطلاب أظهروا تجارب  إيجابية في دروس التعلم السريع؛ وخاصة في النواحي الاجتماعية للتعليم. كما أشارت النتائج  إلى أن  دروس التعلم السريع تسهم بشكل فعال في زيادة دافعية الطلاب وثقتهم في تعلمهم. وقد ترتب على ذلك توصيات عدة حول تنفيذ دروس التعلم السريع، وممارسات التقييم، و إدارة العملية التعليمية في  إطار التعلم السريع.
         وقام ويلكنز وآخرون Wilkins et al.,2010بدراسة هدفت إلى الكشف عن  أثر نمط التعلم السريع على تعلم الطلاب، وتحصيلهم الأكاديمي، و إحساسهم بالرضا، وذلك على عينة من  الطلاب اشتملت على ( 89) طالبًا؛ حيث تمّ جمع البيانات من  خلال توزيع استبيانات على الطلاب بهدف معرفة آرائهم حول برامج التعلم السريع والتعلم غير السريع. كما استخدمت الدراسة اختبار (ز) لمقارنة نسب تحصيل الطلاب وفقًا لهذا النمط من  التعلم. وأظهرت نتائج الدراسة أن  درجات الطلاب الذي  التحقوا ببرنامج التعلم السريع في مادتي الرياضيات واللغة الإنجليزية كانت أعلى من  درجات الطلاب الذي  لم يلتحقوا بهذا البرنامج. كما أشارت  إلى فعالية استخدام هذه البرامج في التدريس والتعليم كونها تحفز الطالب وتشجعه على التعلم، مما يؤدي  إلى خلل الرضا في ذاته، الأمر الذي من  شأنه أن  ينعكس على علاماته وعلى تحصيله الأكاديمي.
    باختصار :
     يؤكد التعلُّم السريع على:
    التعلُّم من خلال القيام بالشيء.
     التعلُّم من خلال التعاون مع الآخرين.
     التعلُّم من خلال إنغماس المتعلُّم كلياً (الجسد والرأس).
     التعلُّم الغني التنوّع والذي يلائم إنماط المتعلمين الشخصية.
     التعلُّم الذي يؤكد على أن دور المتعلم، ليس إمتصاص المعلومات، بل هو في خلق المعرفة القابلة للتطبيق.
    التعلُّم المرح.
    التعلُّم المُعتمد على أحدث الأبحاث في كيفية تعلُّم البشر بشكل أفضل.
    التعلُّم ذو النتائج الثابتة والمتينة.
    المراجع :التعلم السريع ( فلسفة ، ركائز ، أليات ، مراحل ، أدوار )

ليست هناك تعليقات