الواقع الافتراضي في التعليم VR in Education
الواقع الافتراضي في التعليم VR in Education
المقدمة
شهدت نهاية القرن العشرين ثلاث ثورات في علوم تكنولوجيا المعلومات، تمثلت الثورة الأولى في ظهور الكمبيوتر الشخصي، حيث كان ظهوره نقطة فارقة في تاريخ البشرية، والثورة الثانية تمثلت في ظهور الانترنت والتي كانت وما زالت لها الأثر العظيم على كافة نواحي العلوم والحياة، أما الثورة الثالثة فتمثلت في ثورة الوسائط المعلوماتية (الإعلامية) الهائلة والضخمة والتي أحدثت نقلة نوعية جديدة في حياة البشر، فلا عجب إن وجدنا هواتف بلا أسلاك، وكتب منشورة بلا أوراق، وعقار إلكتروني، وتسوق منزلي، ونقود رقمية، وبطاقات ذكية.
استطاع التعليم مواكبة هذه التطورات والثورات التي حدثت في علوم تكنولوجيا المعلومات، ورأت بأن توظيفها وتطبيقها داخل الصفوف الدراسية وخارجها الأثر الفعال والمجدي على الطلاب بحيث يشجعهم على المشاركة في حل المشكلات وتنمية المفاهيم، ومن هذه التقنيات الحديثة تكنولوجيا الواقع الافتراضي التي ظهرت في بداية ثمانينيات من القرن الماضي، والذي يعد نمطاً جديداً من أنماط التعلم بالحاسب.
ولقد تعددت الأسماء التي أطلقت على الواقع الافتراضي، مثل: العالم الافتراضي Virtual World، والواقع المصطنع Artificial Reality، والبيئة الافتراضية Virtual Environment، والواقع المركب Synthetic Reality، والحيز الافتراضي Virtual Cyberspace، وكلها تعتبر أسماء عدة لمفهوم واحد وهو الواقع الافتراضي Virtual Reality والذي يعد أكثر الأسماء شُيوعا وعالمية، حيث تشير كلمة افتراضي إلى ما يوفره الكمبيوتر من نسخ متطابقة أو مماثلة للأشياء المادية الحقيقة.
و يُعد الاهتمام بجودة التعليم أحد مؤشرات تقدم أي دولة، وفي الآونة الأخيرة أصبح الاهتمام كبيرا بتطبيق تقنية التعليم بأشكالها المختلفة حسب الإمكانات المتوفرة، وباعتبارها الأساس للتطور في المؤسسات التعليمية وتجويد المخرجات التعليمية، وما تعكسه من ضرورات لتطوير نظام التعليم وبرامجه وأساليبه.
أ- مفهوم الواقع الافتراضي
يُعد الواقع الافتراضي من أهم وأحدث تطبيقات الحاسب والذي يهتم بتصميم بيئة مصطنعة ثلاثية الأبعاد تعمل على نقل الوعي الإنساني إلى بيئة افتراضية يتم تشكيلها إلكترونياً من خلال تحرر العقل للغوص في تنفيذ الخيال بعيداً عن مكان الجسد، وفيه تتم الأحداث في الواقع المفترض وليس في الحقيقة.
ويعرفها (وليد الحلفاوي، 2011) على أنها “بيئة كمبيوترية تفاعلية متعددة الاستخدام يكون الفرد فيها أكثر تفاعلية مع المحتوى، وكذلك يشارك المستخدم في النشاطات المعروضة مشاركة فعالة من خلال حرية الإبحار والتجول والتفاعل، وهذه البيئات تقدم امتداداً للخبرات الحياتيه الواقعية مع إتاحة درجات مختلفة من التعامل والأداء للمهمة المطلوب إنجازها”.
ويعرفه (غسان يوسف، 2011) على أنه “بيئة يتم إنتاجها من خلال الحاسب الآلي تمكن المستخدم من التفاعل معها من خلال تفحص ما تحتويه بحاستي البصر والسمع وكذلك من خلال المستخدمة والتأثير فيها بالقيام بعمليات تعديل وتطوير”.
وتعرفه (هويدا سعيد، 2010) على أنه “محاكاة رسومية للواقع الحقيقي في الوقت الذي يتفاعل فيه المستخدم مع النظام باستخدام أدوات خاصة مثل: الخوذات الواقية، القفازات، والنظارات، ويكون لدى المستخدم القدرة على التفاعل والتحكم في اتجاه الحركة”.
من خلال هذه التعريفات السابقة، يمكن التوصل إلى أن: الواقع الافتراضي هو بيئة افتراضية تفاعلية جذابة تأخذ الكائن الحقيقي (الإنسان) إلى بيئة افتراضية سواء أكانت خيالية أو حقيقية لا يمكن التوصل إليها، صممت وطورت من قبل الحاسوب لتأدية العديد من الأغراض في مجالات الحياة: كالطب والهندسة والحاسب وتكنولوجيا التعليم.
ب- خصائص بيئة الواقع الافتراضي
1- التفاعلية
تتوقف درجة التفاعلية على مدى ما يسمح به النظام من تفاعلات وأحداث يقوم بها المستخدم عند تفاعله مع مكونات هذا النظام ومدى استخدام أدوات وتقنيات الواقع الافتراضي التي تتيح انغماساً تاماً وتفاعلاً مباشراً مع البيئات الافتراضية، كما يسمح لمستخدم تطبيقات الواقع الافتراضي بالتفاعل مع محتويات هذه البيئات من خلال إتاحة الحرية للأفراد بالتجول، كما يتم التعامل المباشر وتعديل الكائنات الافتراضية من خلال تكوين وإنشاء وإكمال أجزاء إضافية أو غير مكتملة، ولا تقتصر التفاعلية على العمليات التي يقوم بها المستخدم ولكنها تتعدى ذلك إلى استجابة النظام أيضاً لما يقوم به المستخدم.
2- التشاركية والتعاون
حيث تعد التشاركية إحدى السمات المهمة والمميزة لعروض الواقع الافتراضي وخاصة تلك العروض التي يتم نشرها على شبكة المعلومات الدولية، ويتم تصميمها وفق مجموعة من العوامل منها دعم تعدد المستخدمين، حيث يمكن لمجموعة من الأفراد أن يستخدموا نفس تطبيق الواقع الافتراضي في نفس الوقت أو تقاسم مجموعة من المستخدمين لنظام الواقع الافتراضي في نفس الوقت بحيث يمكن لكل منهم أن يتفاعل بمفرده أو يتفاعل في وجود الآخرين بأداء مهام معين للوصول في النهاية إلى تحقيق الهدف التعليمي من البيئة الافتراضية.
3- الانغماس
هو إحساس المستخدم لبيئات وتطبيقات الواقع الافتراضي بأنه محاط إحاطة كاملة بمكونات هذه البيئة، وبالتالي فهو داخل هذه البيئة يتفاعل كإحدى مكوناتها، فالمستخدم في تطبيقات الوسائط المتعددة التقليدية ينظر إليها من الخارج ولا يستطيع الدخول إليها، بينما يُعايش الفرد في الواقع الافتراضي الخبرة التعليمية الافتراضية بصورة تامة وبدرجة تجعله يعتقد أنه يتعامل مع واقع حقيقي لا تخيلي.
4- الحضور عن بعد
إحساس الشخص بتواجده وحضوره داخل بيئة الواقع الافتراضي، وكأنه انتقل ذهنياً وجسدياً إلى مكان آخر غير المكان المتواجد فيه فعلياً.
5- المحاكاة
و تعتبر من أهم خصائص البيئات الافتراضية حيث إن المستخدم هنا يحاكي الواقع الطبيعي والخبرة الحقيقية في بيئة صناعية – تخيلية لا وجود لها في الواقع الحقيقي، وإنما هي أدوات ووسائل تمكن المستخدم من محاكاة بيئة معينة والتي يريد أن يتعلم فيها وكأنه داخل هذه البيئة الحقيقية.
6- الإبحار
يعد الإبحار من أهم خصائص بيئات الواقع الافتراضي، ويقصد به عملية التنقل وإعادة التتبع التي يستخدمها المستخدم في اختياره لمحتوى البيئة الافتراضية والتفاعل معها، فهو العملية التي تساعد المستخدم على التجوال بين أجزاء المحتوى المختلفة للبيئة الافتراضية حيث يُمكِّنه من استعراضه والوصول إليه بهدف التعرف على هذا المحتوى ومن ثم اكتسابه.
7- القدرة على التعديل
سمة مميزة من سمات بيئات الواقع الافتراضي، حيث تتيح للمستخدم أن يقوم مباشرة بتعديل الكائنات في الوقت الحقيقي آنياً سواء بتغيير موضعها، اتجاهها، أبعادها، ويمكن تعديلها مما يزيد من إحساس المستخدم بالانغماس والحضور في تلك البيئات.
8- التحكم الذاتي
تعد بيئة الواقع الافتراضي بيئة ديناميكية تسير وفق منظومة متكاملة متتالية ويسيطر على جميع أجواء تلك البيئة عنصر التحكم الذاتي وديناميكية الحركة.
ج- أهمية الواقع الافتراضي في التعليم والتدريب
1- هو وسيلة فعالة لمحاكاة بيئة التعلم التقليدي مهما كانت ظروفها وصعوبتها، فمن خلالها يمكن إنشاء بيئات مختلفة تحاكي الواقع الذي لا يمكن للمتعلم الوصول إليها أو التعايش معها مثلاً، فلا يمكن للمتعلم أن يعيش البيئة الفضائية واقعياً في المدرسة، وهنا يأتي دور بيئة التعلم الافتراضية ثلاثية الأبعاد في تكوين بيئة تماثل البيئة التقليدية وتمكن الفرد من التفاعل معها وكأنه في البيئة التقليدية.
2- يعمل على تبسيط الواقع الحقيقي المعقد، فالواقع الحقيقي معقد ومليء بالأحداث والتفاصيل التي تشتت الانتباه، بينما تتبنى بيئة الواقع الافتراضي ما هو مطلوب التركيز عليه فقط.
3- يساهم في زيادة التفاعلية والتحكم والتفريد، حيث يتطلب الواقع الافتراضي مستويات عالية من التفاعلية والتحكم التعليمي، لأن المتعلم هو الذي يقرر ماذا يفعل، فزيادة التفاعلية والتحكم يؤديان إلى زيادة مستوى التفريد، وهذا بدوره يؤدي إلى زيادة التعلم.
4- المساهمة في تنويع استخدام استراتيجيات وأساليب التعلم داخل بيئة التعلم الافتراضي، حيث يمكن تقديم استراتيجيات التعلم التعاوني والتشاركي، والمناقشات ولعب الأدوار، والتعلم القائم على المشروعات، وحل المشكلات، كما يمكن من خلالها استخدام الأساليب التعليمية التقليدية.
5- تساهم في التدريب على ممارسة المهارات التي يصعب التفاعل معها في البيئات الواقعية مثل: التدريب على إجراء عملية في القلب، فمن خلال الواقع الافتراضي يمكن إنشاء قلب افتراضي يتدربوا عليها قبل إجراء عملية القلب الفعلية.
6- توفير المحتوى الدراسي بحيث يستطيع المتعلم أن يدخل ويغادر البيئة ويتجول حول المعلومات في أي وقت وفي أي مكان دون اللجوء إلى تحديد ميقات لمواعيد الدراسية كما في البيئة التقليدية.
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق