تقنية الواقع المعزز وفائدتها في التعليم
تقنية الواقع المعزز وفائدتها في التعليم
تقنية الواقع المعزز وفائدتها في التعليم
تحدثتُ في المقالتين السابقيتين حول تقنية الواقع الافتراضي وتطبيقاتها في مجال التعليم والتدريب، ودورها في تحسين العملية التعليمية (في حال الحاجة الماسة إليها وليس من الضروري توظيفها) وزيادة تفاعلية ومشاركة المتعلمين داخل البيئة التعليمية. في هذه المقالة سأتطرق إلى تقنية آخرى (وهي من الأساس نابعة من تقنية الواقع الافتراضي) وهي تقنية الواقع المعزز ، حيث تعمل هذه التقنية بعرض حي بشكل مباشر أو غير مباشر لبيئة حقيقية من العالم الحقيقي دون تأخير زمني، بحيث تضاف التعديلات بشكل مباشر ولا يتم التصوير والتعديل والعرض بمراحل منفصلة، بل تدمج المراحل معاً عن طريق برامج حاسوبية يكون المدخل (Input) عبارة عن أصوات وبيانات مرئية وصورية، مثل بيانات نظام التموقع العالمي (GPS)، ويكون المخرج (Output) إصداراً معدلاً للواقع الحقيقي.
مفهوم الواقع المعزز
ونظراً لحداثة المفهوم فقد تعددت المصطلحات التي تشير إليه، وسأستعرض فيما يلي أبرز التعريفات لمفهوم الواقع المعزز :
تعرفه (هند الخليفة، 2015) بأنّه ” التقنية التي يتم فيها دمج الواقع بمعززات افتراضية بوسائط متعددة كالصور ثلاثية الأبعاد أو المؤثرات الصوتية والمرئية لخلق بيئة تعليمية افتراضية شبه واقعية”.
ويعرفه (عبدالله عطار وإحسان كنسارة، 2015) بأنه ” تحويل الواقع في العالم الحقيقي إلى بيانات رقمية وتركيبها وتصويرها باستخدام طرق عرض رقمية تعكس الواقع الحقيقي للبيئة المحيطة بالكائن الرقمي”.
ويرى (Glockner & Others, 2014) أنه ” توسع في الواقع الحقيقي من خلال إضافة طبقات من معلومات مولدة باستخدام الحاسوب إلى البيئة الحقيقية، وهذه المعلومات المضافة يمكن أن تكون نصوصاً، أو رسوماً، أو فيديو، أو صوتاً، أو نظاماً لتحديد المواقع … إلخ “.
بينما (Larsen, Bogner, Buchholz and Brosda, 2011) يعرفونه بأنه ” إضافة بيانات رقمية وتركيبها وتصويرها واستخدام طرق رقمية للواقع الحقيقي للبيئة المحيطة بالإنسان. ومن منظور تقني غالباً يرتبط الواقع المعزز بأجهزة كمبيوتر يمكن ارتداؤها، أو أجهزة ذكية يمكن حملها”.
يمكن التوصل من خلال هذه التعريفات أن الواقع المعزز هو تقنية تفاعلية جذابة تجلب الكائن الافتراضي (نصوصاً، أو رسوماً، أو فيديو، أو أصواتاً) أو توليفة مركبة منهم جميعاً على شكل ثلاثي الأبعاد إلى بيئة حقيقية يضاف لها بعد رقمي، صممت وطورت من قبل الحاسوب لتأدية العديد من الأغراض في مجالات الحياة: كالطب والهندسة والحاسب وتكنولوجيا التعليم، … إلخ.
أنواع الواقع المعزز
هناك العديد من الأنواع الخاصة بالواقع المعزز التي تم ذكرها في الأدب التربوي والدراسات المتعلقةPatcar & Others, 2013) ، (Vincent & Others, 2013، ومنها فيما يلي:
1- الإسقاط Projection
وهو أكثر أنواع الواقع المعزز شيوعاً، ويعتمد على استخدام الصور الاصطناعية كإسقاطها على الواقع الفعلي لزيادة نسبة التفاصيل التي يراها الفرد من خلال الأجهزة. وأكثر المجالات استخداماً لهذا النوع من الواقع هو في مجالات بث المباريات الرياضية، بحيث تتم تتبع حركة الرياضي بجزيئات صغيرة لغايات التحليل وغيره، أو عندما يتم توضيح مجالات اللعب أو حدود الملعب أو المسافة التي قطعتها الكرة باستخدام المقاييس المترية على الشاشة فقط، ولكنها غير موجودة في الواقع.
2- التعرف على الشكل Recognition:
يقوم هذا النوع على مبدأ التعرف على الشكل من خلال التعرف على الزوايا والحدود والانحناءات الخاصة بشكل محدد كالوجه أو الجسم، لتوفير معلومات افتراضية إضافية إلى الجسم الموجود أمامه في الواقع الحقيقي. وعادة ما يستخدم هذا النوع من الواقع ضمن المؤسسات الحكومية ذات مستوى عالي السرية من العمل كالمخابرات المركزية وأجهزة الاستخبارات، بهدف التعرف على الأشخاص من خلال الوجوه والأشكال الجسمية، والبحث عن ملفاتهم وكل ما يتعلق بهم من معلومات.
3- الموقع Location:
وهو عبارة عن طريقة يتم توظيفها لتحديد المواقع بالارتباط مع برمجيات أخرى، مثل: نظام التموقع العالمي GPS، وتكنولوجيا التثليت Triangulation Technology التي تقوم مقام الدليل الأول في توجيه المركبات كالسيارة والسفينة أو الفرد إلى النقطة المطلوبة للوصول إليها.
4- المخطط Outline:
هو طريقة دمج بين الواقع المعزز والواقع الافتراضي، القائم على مبدأ إعطاء الشخص إمكانية دمج الخطوط العريضة من جسمه أو أي جزء مختار من جسمه مع جسم آخر افتراضي، مما يعطي الفرصة للتعامل أو لمس أو التقاط أجسام وهمية غير موجودة في الواقع.
خصائص الواقع المعزز
أشار كل من (Azuma, Baillot, Behringer, Feiner, Julier & Machntyre, 2001) و (Anderson & Liarokapis, 2014) أن للواقع المعزز خصائص يمكن التطرق إليها، وهي مما يلي:
- يمزج بين الحقيقة والعالم الافتراضي في بيئة حقيقية.
- التفاعلية في وقت استخدامها.
- توفر معلومات واضحة قوية ودقيقة.
- إمكانية إدخال المعلومات بطريقة سهلة وفعالة.
- إمكانية التفاعل بين الطرفين مثل: المعلم والمتعلم.
- جعل الإجراءات المعقدة سهلة للمستخدمين.
- فعالة من حيث التكلفة وقابلة للتوسيع بسهولة.
- عرض النماذج بشكل مبسط وواضح للمتعلمين ضمن خطة الموقف التعليمي.
- تكلفة إنتاج المواد التعليمية منخفضة نسبياً.
- تعطي الموقف التعليمي كثيراً من الديناميكية والنشاط.
- تدمج بين شرح المعلم الفعلي والكائن الرقمي.
الواقع المعزز في التعليم
لطالما كان التعليم أحد أبرز المجالات وأكثرها تطوراً عبر السنين الماضية. ولما يراه رواد التعليم من مستقبلٍ مشرق لتقنية الواقع المعزز أصبح هناك اليوم خطوات واضحة لهذه التقنية في مجال التعليم، وإن كانت خجولة في بعض الدول إلا أن آثارها تبدو واضحة في دول أخرى. فالبيئة التعليمية بيئة خصبة لتطبيق تقنية الواقع المعزز، حيث يمكن استخدامها لتحويل الكتب الورقية إلى منصات عرض تفاعلية عبر الأجهزة الذكية، فبدلاً من قراءة تاريخ الأهرامات مثلاً يمكن عمل شخصية كرتونية فرعونية ثلاثية الأبعاد تروي قصة الأهرامات وتعرض تسجيلات مرئية حية بمجرد توجيه كاميرا الأجهزة الذكية نحو الكتاب، أو قد تُستخدم في دروس تشريح جسم الإنسان عبر رؤية الأعضاء بصورة ثلاثية الأبعاد مما يُسهل الشرح على المعلم ويُكسب الطالب فهم أعمق للدرس.
1- أهمية وفوائد تقنية الواقع المعزز في العملية التعليمية
تمتاز تقنيات الواقع المعزز بمزايا عدة أدت إلى بروز أهميتها وبررت الحاجة إليها في المؤسسات التربوية، ويمكن تحديدها في النقاط التالية:
- إثارة دافعية وحماس المتعلمين، حيث تقدم المادة العلمية بطريقة جذابة ومشوقة وبشكل يتلاءم مع جيل التقنية، حيث يتم إشراك المتعلم بأساليب لم تكن ممكنة من خلال تفعيل الحواس.
- إمكانية تقديم الخبرات التعليمية من خلال نماذج ثلاثية الأبعاد، حيث يتمكن المتعلم من مشاهدة وتحليل الموضوعات من جوانب مختلفة، وهذا يعطي فهماً أعمق للموضوعات، حيث يقدم صورة ذهنية صحيحة وشاملة للخبرات التعليمية.
- تقديم خبرات تعليمية في نفس الموقع التعليمي التي يصعب الوصول إليها مثل الفضاء، البركان.
- إتاحة فرصة لانخراط الطلاب في الممارسات الأصلية مهما كانت صعوبة تحقيقها في العالم الحقيقي.
- التعامل مع المواد الخطيرة بدون التعرض للأذى، مثل: التفاعلات النووية، التفاعلات الكيميائية.
- لا تحتاج إلى بيئة تعليمية محددة حيث يمكن تطبيقها في الفصل الدراسي.
- مراعاة الفروق الفردية، حيث تعطي فرصة لمشاهدة الأشكال من جوانب مختلفة ويتفاعل المتعلم مع خبرات واقعية بعيداً عن التصورات الخاطئة.
- تعزيز التعلم التعاوني والتفاعل الاجتماعي بين المتعلمين في نفس البيئة التعليمية من خلال تحسين البرنامج المحوسب على الهواتف الذكية والمشاركة الفاعلة بين الطلاب في حل المشكلات التعليمية.
- توفير محتوى تعليمي غني، ويساعد على فهم المحتوى حيث يرسخ في ذاكرة الطالب بشكل أقوى من ذلك الذي يكتسبه من خلال الوسائل التقليدية.
- يوفر فرصا لتعلم أكثر واقعية وأنماط تعليم مستقلة.
- يجعل التعلم ممتعا ويتحدى قدرات المتعلم لكي يبدع.
- تحويل عملية التعليم إلى تعلم.
- تحقيق تعلم مستمر وللجميع، وتحسين عمليات التعاون بين أفراد المجموعة وبين الطلاب ومعلميهم.
- تعويض قلة الموارد في التعليم، وتقليل التكلفة، وخلق بيئة التشويق أثناء التعليم.
- جعل المعلومات الثرية المتوفرة بالإنترنت مصاحبة للمتعلم أينما كان.
- رفع قيمة الكتاب المدرسي وإثرائه بالمكتبة المنزلية.
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق