أخر الموضوعات

التغذية الراجعة الإلكترونية : تعريفها، أهميتها، أدواتها…

 التغذية الراجعة الإلكترونية : تعريفها، أهميتها، أدواتها…

مجتمعات التعلم المهنية

التغذية الراجعة الإلكترونية : تعريفها، أهميتها، أدواتها…

التغذية الراجعة الإلكترونية – إشراف ومتابعة د. وزيرة باوزير، القيادة والتطوير المهني – إدارة تربوية- جامعة دار الحكمة -جدة، المملكة العربية السعودية

أحد أصعب الأمور في الحياة العامة هو تقديم التغذية الراجعة للآخرين، وأكثرها خطورة تلك التي تقدم في الميدان التربوي لطلابنا في المدارس أو الجامعات، فتأثيرها قد يكون إيجابياً أو سلبياً على البعض إذا لم يُحسن تقديمها بالشكل المطلوب، سواء في التعليم التقليدي أو التعليم الإلكتروني. فهي تزودهم بمستواهم الفعلي، وتعزز أداءهم، وتصحح أخطاءهم، وتُمكنهم من المهارات المطلوبة، وتبني الثقة لديهم حول نتائج تعلمهم إذا ما تم استخدامها من قبل المعلمين بالشكل الصحيح (التركي، الخالدي، 2018).

ولا يخفى على الجميع مالها من أهمية كبيرة، وأثر عظيم على مستقبلهم ومسيرتهم، وعلى جودة أداء المعلم ومدى فاعليته وكفاءته داخل الفصول الدراسية. وجاءت وزارة التعليم في المملكة العربية السعودية تؤكد دور التغذية الراجعة، فقد قدمت برامج تطوير مهنية تهدف أحد محاورها إلى تنمية المهارات والمعارف للمعلمين في تقديم التغذية الراجعة (شركة تطوير للخدمات التعليمية، 1439).

 يستعرض هذا المقال المحاور التالية:

  • تعريف التغذية الراجعة.
  • أهميتها في التعليم التقليدي والتعليم الإلكتروني وأنواعها.
  • الأدوات الإلكترونية المستخدمة لتنفيذها داخل الفصول الافتراضية.

يعرف مصطفى (2017) التغذية الراجعة بأنها: ” المعلومات التي تقدم للمتعلم بهدف تثبيت نقاط القوة والتغلب على نقاط الضعف وتجنبها مستقبلاً”. (ص. 33).

ويعرفها الحيلة كما ورد في مصطفى (2017) بأنها تزويد للمتعلم بالبيانات والمعلومات عن سير أدائه بشكل مستمر من أجل مساعدته في تعديله إذا كان مخطئاً أو تثبيته إذا كان يسير في الاتجاه الصحيح.

إن التعليم لم يعد نقلا للمعرفة العلمية وحسب، بل عملية تُعنى بالدرجة الأولى بتكامل شخصية المتعلم، والعمل على نمو المتعلم عقلياً ومهارياً ووجدانياً (زيتون كما ورد في توفيق، 2018). ويعتمد ذلك على الممارسات التدريسية المتبعة، وتعتبر التغذية الراجعة من أهم الممارسات التدريسية، والتي ينبغي على المعلمين الالتفات لها والحرص على توظيفها داخل الفصول الدراسية، لضبط التعلم، وتغيير السلوك، وتحقيق النتائج المنشودة، كزيادة التحصيل الدراسي وتنمية مهارات القرن الحادي والعشرون.

وقد أكد كامل (1995) أهميتها في دعم قدرة المتعلمين على التعلم، وحل المشكلات واتخاذ القرارات على المدى البعيد. فالتغذية الراجعة تستثير التعلم لدى المتعلمين، وتحقق أهدافهم (النعيمي، 2001).

كما تسهم التغذية الراجعة في تقليل التوتر والقلق الذي يعتري المتعلمين في حالة عدم معرفتهم بنتائج تعلمهم، وتشعرهم بالسعادة والطمأنينة، كما تنمي لديهم مركز الضبط الداخلي، حيث يرى التربويون أن من المهم أن يعلم المتعلم بأنه المسؤول عن نتائج عمله، كما تقدم معلومات إضافية تدعم العملية التعليمية، وتنشطها، وتزيد من دافعية المتعلم وتجعله في حركة دائبة لتحقيق الأهداف التعليمية والتعلمية (سلطان، 2008).

وتضم التغذية الراجعة أنواعاً وأشكالاً متعددة، فمنها ما يكون سهلاً يتمثل في إجابات بسيطة مثل (نعم أو لا)، ومنها ما يكون أكثر عمقاً وتفصيلاً كتقديم معلومات وبيانات تصحيحية للاستجابات المقدمة من المتعلمين، ومنها ما يعمل على إضافة بيانات جديدة للاستجابات العامة (فاضل،2006). وقد قدم التربويون العديد من التصنيفات العامة لأشكال التغذية الراجعة. وجاءت الكثير من الدراسات والأدبيات تؤكد أهمية وفاعلية التغذية الراجعة الفورية كدراسة (حجه، 2019)، ودراسة (أحمد وآخرون، د.ت).

كما يمكن تقسيمها إلى نوعين حسب تقديمها للمتعلم كالتغذية الراجعة التقليدية: ويقصد بها تزويد الطالبات بمعلومات حول صحة أدائهن أو عدم صحته، وفق معايير محددة وبطريقة متزامنة وغير متزامنة، والتغذية الراجعة الإلكترونية: ويقصد بها تزويد الطالبات بمعلومات حول صحة أدائهن أو عدم صحته، وفق معايير محددة وبطريقة متزامنة وغير متزامنة من خلال الحاسوب والشبكة العنكبوتية (كفافي، 2009).

وفي ظل جائحة كورونا والتحول العالمي نحو التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد وانتشار مستحدثات تكنولوجيا التعليم المتقدمة، اتجه الكثيرون إلى استخدام أدوات التعليم الإلكتروني، والتي تزيد من فعالية وكفاءة العملية التدريسية، حيث توفر خيارات متنوعة لتعزيز التواصل بين المعلم والمتعلم، وتتيح طرقا إلكترونية مختلفة لتنفيذ التغذية الراجعة بشكل مستمر وفعال وفوري. فقد أشار (إبراهيم، 2020) إلى تأثير التغذية الراجعة الإلكترونية في كل من التحصيل المعرفي، والأداء المهاري، وتقييم المنتجات لمهارات البرمجة.

وتكمن القيمة الحقيقية للتغذية الراجعة الالكترونية في الاستخدام الفعال للأدوات الالكترونية. فتقديم التغذية الراجعة الالكترونية تُكسِب الطالبات مهارات التفكير العليا، وتُحقق أهداف التعلم؛ فقد لوحظ ارتفاع مستوى المشاركة داخل الحصص، وتَطور مستوى النقاش، ومهارات التفكير العليا لديهن بشكل تدريجي، وزيادة مستوى التواصل الفعال بين المعلمة وطالباتها وبين الطالبات والمحتوى التعليمي الالكتروني، فقد تحققت أهداف التعلم عن بعد بدرجة كبيرة (التركي والخالدي،2018).

إن المعرفة بطرق التدريس العامة ومصادر وتقنيات التعليم من المعايير المهنية المعرفية للمعلم والضرورية لمواكبة التطورات والتغييرات السريعة (هيئة تقويم التعليم العام، 2016).

وفي الوقت الراهن، توجد الكثير من الأدوات والمستحدثات التكنولوجية التي وفرتها وزارة التعليم، كأنظمة إدارة التعلم وتشمل: منصة مدرستي Madrasati والبلاك بورد Blackboard وكذلك ميكروسوفت تيمز Microsoft Teams  المستخدمة في المدارس الحكومية، والمنصات المستخدمة في المدارس الأهلية كمنصة كلاسيرا Classera وبرنامج زووم Zoom وبرامج ومنصات أخرى متنوعة، بالإضافة للميزات الموجودة في برنامج  Wordوبرنامج Power Point التي تعين المعلم على تقديم التغذية الراجعة الالكترونية بسلاسة، وبفاعلية لخدمة المتعلم وتنمية مداركه المتعددة الأوجه.

وجاءت دراسة عفيفي (2015) تثبت دور التغذية الراجعة الالكترونية في تحسين التعلم في بيئات التعلم الالكترونية وتؤكد على الأثر الكبير بين توقيت تقديم التغذية الراجعة وتقنيات توصيلها في بيئات التعلم الالكتروني عن بعد (كالتغذية الراجعة الفورية عبر تقنيات الجوال، والمؤجلة عبر تقنيات نظام إدارة التعلم (Moodle. وهناك علاقة فاعلة بين التغذية الراجعة وأسلوب التعلم في بيئات التعلم المختلفة تنمي التحصيل المعرفي والأداء المهاري للمتعلمين (العزب، 2013).

ولعل هذا العرض السريع في هذا المقال يتضمن أهمية التغذية الراجعة بنوعيها التقليدي والالكتروني، وخيارات تفعيلها المتنوعة والتي لم نذكر منها إلا القليل. ومن خلال استقراءنا للأدبيات والدراسات السابقة، فقد تم تناول التغذية الراجعة وتحدث عنها الكثير من التربويون، ولكن على أرض الواقع لم تأخذ نصيبها من الاهتمام والعناية.

والآن، ونحن في عصر التقنية، وفي هذه الأزمة العالمية، ومع التعليم عن بعد، لم تعد التغذية الراجعة الالكترونية أحد الخيارات التدريسية، بل ضرورة وحاجة ملحة، ومن الأمور الهامة والممارسات المؤثرة في سير العملية التعليمية والتعلمية وتجويدها بل واكتمالها. وكما هي هامة في تعليمنا التقليدي أصبحت اليوم أكثر أهمية في التعليم عن بعد وأكبر موجه وداعم للمتعلمين في البيئة الالكترونية، والمعلم الفطن من يبادر ويستفيد من هذه الإمكانات ويوظفها في سبيل تعليم وتعلم متميز جيد ومعاصر.

المراجع: التغذية الراجعة الإلكترونية : تعريفها، أهميتها، أدواتها…

ليست هناك تعليقات