نظريات التعلم المعتمدة على الاتصال ودور التقنيات الحديثة في تطبيقها
نظريات التعلم المعتمدة على الاتصال ودور التقنيات الحديثة في تطبيقها
مقدمة:
يعتبر التعلم ضرورة لكثير من مواقف الحياة وهو الأساس في تفسير كثير من مظاهر السلوك البشري السوي وغير السوي، حيث تعتبر وسيلة لاكتساب الفرد للمعارف والمهارات وتكوين عاداته السلوكية واتجاهاته وتحقيق إنسانيته، وما من نشاط بشري يخلو من التعلم، فهو عملية أساسية في الحياة يسير معها ويمتد بامتدادها، ولا يتقدم مجتمع إنساني إلا بالتعلم، وهو مقدار ما استفاد منه كل جيل من سابقه وما يضيفه إلى المعرفة الإنسانية.
لقد تعددت نظريات التعلم واختلفت في تفسير عملية التعلم، ويرجع ذلك إلى طبيعتها المعقدة والمتشعبة، مما يجعل من الصعب على وجهة نظر واحدة إدراك عملية التعلم بكاملها، وتقديم إطار شامل لها، ويحتاج المصمم التعليمي إلى إجابات عن أسئلة متعددة حول خصائص المتعلمين، وكيفية تعلمهم، والشروط التي تيسر هذا التعلم وظروفه، والأساليب والإجراءات المناسبة لحدوث التعلم، وكيفية تقويمه، وهي أسئلة ضرورية لعملية التصميم، ونظريات التعليم والتعلم هي التي تجيب عنها.
ارتبط التعليم الإلكتروني ارتباطا وثيقا بنظريات التعلم والتي تستهدف الوصول إلى المبادئ والأساليب التي تحقق تعلما أفضل للفرد في مواقف مختلفة، كما تهدف إلى مساعدة المختصين والباحثين في الميدان التربوي على إيجاد أفضل الظروف لتحقيق تعلم فعال.
مصطلحات البحث:
- النظرية:
تُعرف بأنها مجموعة من القواعد والقوانين التي ترتبط بظاهرة ما، حيث ينتج عن ذلك مجموعة من المفاهيم والافتراضات والعمليات التي يتصل بعضها ببعض لتؤلف نظرة منظمة ومتكاملة حول تلك الظاهرة، ويُمكن أن تستخدم في تفسيرها والتنبؤ بها في المواقف المختلفة، فهي تشكل مجموعة من الافتراضات التي تتألف من البناءات المحددة لتوضح العلاقات المتداخلة بين العديد من المتغيرات ذات العلاقة بظاهرة معينة سعياً وراء تفسيره.
- نظريات التعلم:
وهي عبارات وصفية منطقية، تختص بفهم وتفسير ظاهرة وسلوك تعلم مـن وجهة نظر خاصة بها، فالنظرية السلوكية وكما هو الحال مع النظريات الأخرى، فهي تفسر التعلم بخصوصية علمية وعملية تختلـف عـن نظيراتها الإدراكية والنفسية الفسيولوجية.
وتعرف بأنها المحاولات المنظمة لتوليد المعرفة حول السلوك الإنساني وتنظيمها وتجميعها في أطر من الحقائق والمبادئ والقوانين بهدف تفسير الظاهرة السلوكية والتنبؤ بها وضبطها، حيث يكمن الهدف الأساسي لنظريات التعلم في فهم السلوك الإنساني من حيث كيفية تشكله وتحديد متغيراته وأسبابه، ومحاولة تفسير عمليات التغير والتعديل التي تطرأ على هذا السلوك بهدف صياغة مبادئ وقوانين عامة لضبطه وتوجيهه.
- خصائص النظرية:
تكمن أهميتها في أنها تطلع بعدد من الوظائف حيال المعرفة الإنسانية، وتتمثل بالآتي:
- تعمل على تجميع الحقائق والمفاهيم والمبادئ وترتيبها في بناء منظم منسق مما يجعل منها ذات معنى وقيمة.
- تقدم توضيحا وتفسيرا لعدد من الظواهر والأحداث الطبيعية والإنسانية والكونية.
- تساعد في التنبؤ بالعديد من الظواهر وتوقع حدوثها أو عدمها في ظل معطيات ومؤشرات معينة.
- توجيه التفكير العلمي، فهي بمثابة الموجه لإجراءات وعمليات البحث العلمي والاستدلال العقلي.
- تساعد على توليد المعرفة، وذلك من خلال توليد البحوث التجريبية لاختيار صحة افتراضاتها ومفاهيمها.
أولا: النظرية السلوكية
نشأة ومفهوم النظرية السلوكية:
جون واطسون 1878- 1908 هو عالم نفس أمريكي والذي يعتبر أب السلوكية الحديثة، وقد حذا حذو بافلوف في تأكيده على أن السلوك الإنساني هو عملية أفعال شرطية منعكسة. وكان واطسون يعتقد أنه على علم النفس التوقف عن دراسة تفكير الناس وشعورهم وأن يبدأ في دراسة ما يفعله الناس. والعامل الأول المسؤول عن تشكيل السلوك في نظر واطسون هو البيئة، وإذا أمكن السيطرة على بيئة الطفل فإنه يمكن هندسة الطفل وفقا لنمط الشخصية المرغوب. والعالم سکنر هو أكثر السلوكيين تأثيرا، وكانت أعماله طليعة معركة السلوكية في التربية، حيث شملت هذه الاعمال میادین تعديل السلوك والآلات التعليمية والتعليم المبرمج.
مميزات وعيوب النظرية السلوكية:
إن توظيف النظرية السلوكية في التعليم والتعلم أثبت فاعليته في تطوير بعض المهارات وخاصة تلك التي يمكن تعلمها عن ظهر قلب من خلال التعزيز والممارسة والتكرار. لكن الدراسات أثبتت أن المهام التي تتطلب أساليب تفكير معقدة وعمليات عقلية عليا لا يمكن تعلمها بشكل جيد باستخدام المنهج السلوكي في التعليم وتحتاج المزيد من الفهم والمعرفة الكيفية مع إدراك وتحليل وفهم المتعلم لما يخوضه من تجارب تعليمية.
أهم مبادئ النظرية السلوكية في تفسير التعلم:
- وصف السلوك أو الأداء الذي يقوم به المتعلم، وتحديده، وتحليله، وتجزئته إلى عناصره الفرعية.
- الاهتمام بتقديم كل المعلومات والمثيرات التعليمية في المحتوى التعليمي محدد البنية مسبقا، والتي يحصلها المتعلم لتحقيق هذا السلوك المرغوب، وتجزئتها إلى وحدات وموضوعات منفصلة.
- صياغة مثيرات المحتوى بطريقة متدرجة من السهل إلى الصعب ومن البسيط إلى المعقد.
- تقديم التعزيز المناسب لتدعيم السلوك المطلوب.
- الاهتمام بعمليات تكرار السلوك، وذلك لتقوية الربط بين المثيرات والاستجابات.
- الاهتمام فقط بتأثير الخبرات الماضية في التعلم دون الحاضرة.
- الاهتمام بالدافعية الخارجيـة أو الداخليـة، وإشـباع الحاجـة؛ للحصـول عـلى الرضـا وتحقيـق الـتعلم المطلوب.
- التعلم هو تغير في السلوك نتيجة للمعلومات التي يحصل عليها الفرد.
- يتم تقويم التعلم على أساس أداء السلوك المحدد.
دور التقنية الحديثة في تطبيق النظرية السلوكية:
لتطبيق التعليم الإلكتروني وفق النظرية السلوكية يمكننا تصميم المقررات الإلكترونية أو من خلال ترتيب فقرات محتوى المقرر الإلكتروني وصياغتها بطريقة متدرجة من الأسهل إلى الأصعب؛ لمساعدة المتعلم على إدراكها وفهمها واكتسابها، حيث يتم عرض كل عنصر من عناصر المقرر سواء نظريا أو إجرائيا باستخدام أمثلة إيجابية وسلبية؛ وذلك لتعزيز الفهم والادراك للمتعلم، يتبعها تدريبات عديدة لتمكين المتعلم من المعلومات والمهارات الجديدة، وضرورة تقديم التغذية الراجعة فور قيام المتعلم بالاستجابة لمساعدته وتوجيهه نحو تحسين الأداء، وإصدار الاستجابات السلوكية الصحيحة المطلوبة.
ثانياً: النظرية المعرفية
نشأة ومفهوم النظرية المعرفية:
مؤسسها ومنظرها العالم النمساوي جان بياجيه، وتعتبر النظرية بصفة عامة وعاء مبنيا على العلم والتجربة، تمكن التربويين من فهم العديد من الظواهر التعليمية والنفسية، وهو ما يمكنهم أيضا من اختيار المسار الصحيح لتقديم المعرفة.
تركز النظريات المعرفية على العمليات العقلية التي تحدث أثناء التعلم، والتي تهدف إلى كيفية استقبال المعرفة من المدخلات الحسية: كالإحساس، والإدراك، والتخيل، والتذكر، والاستدعاء، والتفكير، وغيرها من العمليات الأخرى التي تشير إلى المراحل التي يمر بها الأداء العقلي أو تشير إلى المستويات العقلية لهذا الأداء.
وقد عرفها لالاند: بأنها دراسة المشاكل التي تطرحها العلاقة بين الذات والموضوع في فعل المعرفة، وقد حددها في صورتين أساسيتين وهما: صورة قديمة تبحث مدى تطابق تصور الأشخاص لما هو موجود بشكل مستقل عن هذه التصورات، والصورة الحديثة المعاصرة في البحث في طبيعة موضوع المعرفة المحدد ومعرفة قوانين هذه الطبيعة في تمرس الفكر والعلاقة بینهما.
مميزات وعيوب النظرية المعرفية:
تتميز بأنها تزيد من استقلالية المتعلم وتطور من قدراته العقلية وترفع من سقف الاكتساب التعليمي المتوقع منه، ولكن ما يعيبه هو صعوبة توصيل بعض المعلومات والمعارف الجديدة التي لا يمتلك المتعلم حولها خبرات مماثلة، كما أنه يصعب على المعلم ملاحظة قدرة المتعلم على تخطي تمثيلاته الداخلية للواقع وفهم الواقع الحالي المفترض أنها تمثله. إضافة إلى أن الاتجاه المعرفي في التعلم يميل إلى تجاهل قدرات المتعلمين في التفكير الإبداعي.
أهم مبادئ نظرية المعرفية في تفسير التعلم:
- إن الإنسان كائن حي ديناميكي يتفاعل مع بيئته، تارة مؤثرا وتارة متأثرا لإيجاد حالة من التوازن.
- أهمية التفاعل الديناميكي للمتعلم وبيئته في عملية التعلم. يستند التعلم إلى طريق الفهم وإدراك المعنى والفكر المبتكر وإعادة تنظيم الخبرات السابقة بطريقة جديدة.
- أهمية التعليم الوظيفي.
- التعلم بتأثير القدرات العقلية للمتعلم وفق إمكانية استخدامه.
دور التقنية الحديثة في تطبيق النظرية المعرفية:
إن استخدام الخرائط المعرفية الإلكترونية تسهم في فهم المتعلم لموضوع ما باستخدام برمجيات، مثل: mind map، والتي تمكن المتعلم من تطوير خرائط ذهنية معرفية خلال شرح الدرس أو تقديم المعلومات.
ومن التطبيقات الفاعلة في هذا المجال: الرحلات التعليمية الافتراضية كالمتاحف، أو حدائق الحيوانات أو المعالم التاريخية، والتي تتيح للمتعلم الاطلاع على قدر كبير من المعلومات المكتوبة والمسموعة ومشاهدة مقاطع فيديو مما يترك أثرا كبيرا على ذاكرة المتعلم.
ثالثاً: النظرية البنائية
نشأة ومفهوم النظرية البنائية:
إن الفلسفة الرئيسة للبنائية تنسب إلى جان بياجيه 1896-1980، إلا أن بستالوزي 1746-1827 قد أتى بنتائج مشابهة قبل أكثر من قرن على ذلك، إذ أكد ضرورة اعتماد الطرق التربوية على التطور الطبيعي للطفل وعلى مشاعره وأحاسيسه، وهو بذلك أكد على أهمية الحواس كأدوات للتعلم، ونادى بربط مناهج التعليم بخبرات الأطفال التي تتوافق وحياتهم في بيوتهم وبيئاتهم العائلية.
حيث عرفها سـيجل بأنهـا: عمليـة البناء المعـرفي التي تـتم مـن خلال تفاعل الفرد مع ما حوله من أشياء وأشخاص، وفي أثناء هـذه العمليـة يبنـي الفـرد مفاهيم معينة عن طبيعته؛ ولذلك يوجه سلوكياته مع كل ما يحيط به مـن أشـياء وأشخاص وأحداث.
وعرفها (زيتون 2002، نقلاً عن حرز الله 2016) بأنها: عملية استقبال تتضمن إعادة بناء المتعلمين لمعان جديدة داخل سياق معرفتهم الحالية مع خبراتهم السابقة وبيئة التعلم، إذ تمثل كل من خبرات الحياة الحقيقية والمعلومات السابقة بجانب مناخ تعلم الجوانب الأساسية للنظرية البنائية.
مميزات وعيوب النظرية البنائية:
تمتاز بإشراك المتعلم في جميع مراحل تعلمه، كما أن التعلم يكون مرتبطا بالحياة الواقعية ويساعد المعلم على التقليل من مشاكل الانضباط السلوكية لدى المتعلمين نتيجة إشراكهم في العملية التعليمية، كما تمتاز بمساعدة المعلم على تقديم المعارف بطرق مختلفة ومتنوعة بناء على معارف المتعلمين السابقة، والذي بدورهم يقومون بفهم وتصور المعرفة الجديدة.
ويعيب النظرية البنائية كثرة أعداد المتعلمين، والتي قد تعيق المعلم عند محاولته التعرف على المتعلمين كأفراد وتحديد طبيعة معارفهم السابقة، وقلة مصادر التعلم المتوفرة في المدارس والضرورية لدعم التعلم البنائي القائم على الاكتشاف.
أهم مبادئ نظرية البنائية في تفسير التعلم:
هناك مجموعة من المبادئ والأسس التي يتفق عليها معظم منظري الفكر البنائي والتي تعد مرتكزات أو افتراضات لنظرية التعلم البنائية وهي كما أوردها (الخالدي، 2013، نقلاً عن حرز الله، 2016):
- ينتج النمو المفاهيمي من خلال بناء المعرفة ذاتيا، فالمتعلم نشط واجتماعي ومبدع، يعمل على بناء المعرفة، من خلال لغة الحوار والتفاوض الاجتماعي مع الآخرين.
- يشكل التكيف المعتمد على التمثل والمواءمة غاية العملية المعرفية، فصحة المعرفة لا تنبع من كونها تطابق الحقيقة الوجودية بل في كونها نفعية، فالحقيقة من وجهة نظر البنائية نسبية غير مطلقة، تهدف إلى مساعدة الفرد على تفسير ما يمر به من خبرات حياتية، من أجل تحقيق التوازن بين الفرد ومحيطه.
- المعرفة القبلية والخبرات السابقة، وهي شرط أساسي لبناء تعلم ذي معنى، بشكل يؤدي إلى استمرارية الخبرات وترابطها وتنوعها وتكاملها.
إلا أن العيساوي والجمالي ذكرا من وجهة نظرهم أن مبادئ التعليم وفقاً للنظرية البنائية يمكن أن تتضمن:
- توفير خبرة لعملية بناء المعرفة.
- توفير خبرة من منظورات متعددة القيمة.
- جعل التعلم في سياق واقعي.
- التشجيع على التملك والمشاركة والتحدث في عملية التعلم.
- جعل التعلم في خبرة مجتمعية أو سياق اجتماعي.
- التشجيع على استخدام أشكال مختلفة من التمثيل.
- التشجيع على الوعي الذاتي بعملية البناء المعرفي.
دور التقنية الحديثة في تطبيق النظرية البنائية:
من خلال الفصول الافتراضية (مثل: البلاك بورد والتيمز والزووم) يتيح المعلم للمتعلم إرسال سؤاله أو معلومة معينة يتم مناقشتها بين المتعلمين، بحيث يتيح الفرصة لكل متعلم المشاركة في إبداء رأيه والبحث، وهذا النوع من النقاش يتيح توسيع مجال اطلاع المتعلم وتنويع مصادر معلوماته والتقدم بمستواه التعليمي والنفسي. كما أن الطريقة المصممة بها صفحات المواقع على الإنترنت تتيح عرض وتذكير المتعلم بالمعلومات السابقة، وعن طريق الروابط الإلكترونية المتشعبة تتاح لهم معلومات إضافية تساهم في تكوينهم للمعارف جديدة.
رابعاً: النظرية الاتصالية
نشأة ومفهوم النظرية الاتصالية:
ظهرت نظرية المعرفة المجتمعية التي تحمل في جوهرها صفة الاتصالية، وهي تسعى جاهدة للتغلب على القيود المفروضة على النظرية السلوكية والإدراكية والبنائية، عن طريق تجميع العناصر البارزة من الأطر الثلاث (التعليمية-الاجتماعية – التكنولوجية)؛ وذلك بهدف استحداث نظريات جديدة ودينامية لبناء نظرية التعلم في العصر الرقمي، وهي تستخدم مفهوم الشبكة التي تتكون من عدة عقد تربط بينها وصلات. تمثل العقد المعلومات والبيانات على شبكة الويب، وهي إما أن تكون نصية أو مسموعة أو مرئية، أما الوصلات فهي عملية التعليم ذاتها وهي الجهد المبذول لربط هذه العقد مع بعضها لتشكيل شبكة من المعارف الشخصية.
قدم سيمنز ودوينز (2004) نظرية التعلم الاتصالية بما يتوافـق مع احتياجـات القرن الحادي والعشرين، والتي تأخذ في الاعتبار الاتجاهات الحديثة في التعلم، واستخدام التكنولوجيا للشبكات في الجمع بين العنـاصر ذات الصـلة في كثـير مـن نظريـات الـتعلم، والهياكـل الاجتماعيـة والتكنولوجيا لبناء نظرية قوية للتعلم في العصر الرقمي.
وعرفها (سيمنز) بأنها: نظرية تسعى إلى توضيح كيفية حدوث التعلم في البيئات الإلكترونية المركبة، وكيفية تأثره عبر الديناميكيات الاجتماعية الجديدة، وتدعيمه بواسطة التكنولوجيات الجديدة. وبالتالي تعد النظرية الاتصالية من النظريات الحديثة التي ارتبطت بالتطور التكنولوجي المعاصر، وتسعى لوضع التعلم عبر الشبكات في إطار اجتماعي فعال.
مميزات النظرية الاتصالية:
تعمل على تشجيع الاتصال بين المتعلم والمؤسسة التعليمية، كما أن لها دور في تنمية التبادل والتعاون بين المتعلمين من خلال التعلم النشط، وتركز دائماً على إعطاء تغذية راجعة لتقوية التأكيد على أهمية الوقت في إنجاز المهمة، كما تهتم بالمواهب وطرق التعليم والتعلم الحديثة.
أهم مبادئ نظرية الاتصالية:
تتضمن مبادئ التعلم وفقاً للنظرية الاتصالية ما يلي:
- يكمن التعلم والمعرفة في تنوع الآراء ووجهات النظر المختلفة التي تعمل على تكوين كل متكامل.
- معرفة كيفية الحصول على المعلومات أهم من المعلومات ذاتها التي تتسم دومًا بالتغير والتطور المتسارع.
- التعلم هو عملية الربط بين مصادر المعلومات المتخصصة، ويستطيع المتعلم تحسين عملية التعلم من خلال العمل عبر الشبكة المحلية.
- الدقة وتحديث المعرفة هما الهدفان من جميع أنشطة التعلم الاتصالية، والإتقان والوصول إلى المعرفة الحديثة هي الهدف من التعلم الاتصالي.
- يحدث التعلم بطرق مختلفة منها: المقررات، والبريد الإلكتروني، والشبكات الاجتماعية، والنقاشات الحوارية، والبحث على شبكة الإنترنت، وقوائم البريد الإلكتروني، وتصفح المدونات. فالمقررات ليست المصدر الرئيس للتعلم.
- إحداث التكامل بين الإدراك والمشاعر في صنع المعنى من الأمور المهمة.
- إن المداخل المختلفة والمهارات الشخصية مهمة للتعلم بشكل فعال في مجتمع اليوم مثل: القدرة على رؤية الروابط بين المجالات والأفكار والمفاهيم والمهارات الأساسية.
- التعلم له هدف نهائي، كتنمية القدرة على أداء مهارة معينة أو القدرة على العمل بفعالية في عصر المعرفة من خلال تنمية مهارات الوعي الذاتي، وإدارة المعلومات الشخصية…إلخ.
دور التقنية الحديثة في تطبيق النظرية الاتصالية:
إن توظيف التعليم الإلكتروني يحتل أهمية كبيرة في النظرية الاتصالية من خلال تطويع التقنية لتيسير عملية التعليم والتعلم. ويركز التعليم الإلكتروني على المتعلم، وهذا يعني أن دور المتعلم في عملية التعليم والتعلم قد تغير وتبعا له فقد تغير دور المعلم من كونه مصدرا للمعلومات إلى كونه ميسرا ومنظما ومخططا لعملية التعلم، وهذا الموقف التعليمي يتم في بيئة غنية بمصادر المعلومات والمعارف. ومن هنا تبرز أهمية النظرية الاتصالية بأنها تيسر بيئة تفاعلية تعاونية معززة للإبداع، ففي شبكات التعلم الإلكتروني توجد منتديات للمناقشة النشطة والرسائل الإخبارية وقوائم البريد الإلكتروني وغيرها.
خامسا: نظرية التعلم الاجتماعي
نشأة ومفهوم نظرية التعلم الاجتماعي:
تمتد جذورها إلى المدرسة السلوكية في علم النفس، وتنسب إلى عالمي النفس الأمريكيين نيل ميلر وجون دولارد 1941، حيث أنهما أول من اهتم بالتعلم من خلال الملاحظة في البيئة المحيطة بالفرد أو المجتمع الذي يعيش فيه، وهو الأساس الذي بنى عليه ” ألبرت باندورا ” عام 1965 و 1971 و 1994 نظرية الإدراك والتعلم الاجتماعي من وسائل الإعلام، وتعني أن الأفراد يتعلمون من الخبرات والتجارب في البيئة المحيطة بهم أو من المجتمع ومن بينها وسائل الإعلام. هذا التعلم يؤثر في سلوك الأفراد وآرائهم وعاداتهم واتجاهاتهم ومعتقداتهم وصفات شخصياتهم وغيرها، مع الأخذ في الاعتبار الكثير من العوامل الشخصية والاجتماعية والثقافية التي تتداخل مع هذا التأثير.
مميزات وعيوب نظرية التعلم الاجتماعي:
تتميز بأنها ذات أساس منطقي يؤكد على الفروق الفردية بين المتعلمين وتنوع تفاعلهم مع المحيط حولهم. كما أن المفاهيم المكونة للنظرية مفاهيم بسيطة سهلة التطبيق مثل مفهوم الكفاءة الذاتية والملاحظة والتعلم ولا تعتمد على اعتبارات معينة في البيئة مثل اللغة أو الدين أو الأخلاقيات. إلا أن النظرية تغفل النظر إلى شخصيات الأفراد المختلفة ومشاعرهم وتصرفاتهم اللاواعية والعوامل الوراثية مركزة عوضا عن ذلك على المحيط الاجتماعي والتفاعل معه لاكتساب المهارات والتعلم.
أهم مبادئ نظرية التعلم الاجتماعي في تفسير التعلم:
- الانتباه والاهتمام: إن مجرد وجود نماذج تعرض أنماطا سلوكية ليس كافيا لحدوث التعلم بالملاحظة ما لم يتم الانتباه لما تعرضه مثل هذه النماذج. فالانتباه يعد عملية مدخليه أولية لحدوث التعلم الاجتماعي، إذ من خلاله يتولد لدى الفرد الاهتمام وحب الاستطلاع ويتيح له إجراء المعالجات المعرفية اللاحقة.
- الاحتفاظ: يتطلب التعلم بالملاحظة توفر قدرات لدى الملاحظ تتمثل في القدرة على التمثيل الرمزي للأنماط السلوكية وتخزينها على نحو لفظي أو حركي أو تعبيري في الذاكرة، فعدم توفر مثل هذه القدرة تجعل ملاحظة سلوك النماذج عديمة النفع.
- الإنتاج أو الاستخراج الحركي: الكشف عن حدوث التعلم بالملاحظة لدى الأفراد يتطلب توفر قدرات لفظية أو حركية لديهم لترجمة هذا التعلم في سلوك أو أداء خارجي قابل للملاحظة والقياس، وعدم توفرها يؤدي الى عدم قدرة الفرد على أداء الاستجابات المتعلمة.
- الدافعية: يعتمد التعلم بالملاحظة على وجود دافع لدى الفرد لتعلم نمط سلوكي معين، وغياب الدافعية من شأنه أن يقلل مستوى الانتباه والاهتمام بما يعرضه الآخرون من نماذج سلوكية. ويتوقف الدافع على النتائج التعزيزية أو العقابية المترتبة على سلوك النماذج، كما ويعتمد أيضا على العمليات المنظمة ذاتيا، أي التعزيز الداخلي.
دور التقنية الحديثة في تطبيق نظرية التعلم الاجتماعي:
يتم من خلال مشاهدة المتعلم لمقاطع الفيديو التفاعلية التي يُطرح فيها موضوع ما. ويتم طرح الأسئلة على المتعلم وترك فرصة له ليفكر ويستجيب قبل أن يسمع الإجابة، فبرامج مثل: دورا إكسبلورر، تعلم مع زكريا.. وغيرها تشجع المتعلم على المشاركة، حيث يشعره بأنه جزء من كل مرحلة من المراحل، كما يمكن إعطاء المتعلم فرصة التعلم عبر مشاهدة مقاطع الفيديو التعليمية التي تهدف لتعليم المهارات، مثل مهارة الرسم أو الأعمال الفنية أو الطهي وغيرها من المهارات. وتمتاز بالمرونة التي تمكن المتعلم من التحكم في المقطع بإعادته او تسريعه بحسب حاجته حتى يتقن المهارة.
سادساً: نظرية أنماط التعلم
نشأة ومفهوم نظرية أنماط التعلم:
بدأت فكرة أنماط التعلم على يد ” کارل يونغ” 1927 الذي يعد الأب لنظرية أنماط التعلم والذي لاحظ الفروق الرئيسة في الطريقة التي يدرك بها المتعلمون المعلومات ويتخذون القرارات. لقد أدرك التربويون مدى أهمية نتائج أبحاث المتخصصين في مجال علم النفس وفي مجال الفروق الفردية وأنماط التعلم مما أثار اهتماماتهم بكيفية التعامل مع الطلبة المختلفين داخل المواقف الصفية التعليمية. وتوصل الباحثون إلى أن أنماط التعلم كافة تلتقي في نقطتين أساسيتين: التأكيد على العمليات والتأكيد على الشخصية.
وتعرف أنماط التعلم في هذا البحث بأنها “أسلوب التعلم الذي يفضله المتعلم ويستخدمه دون غيره من الأساليب في دراسته، وبه يتم إدراك ومعالجة المعلومات وتخزينها وترميزها واسترجاعها”.
مميزات نظرية أنماط التعلم:
إن مقدار ما يتعلمه الفرد يعتمد على كون الخبرات التعليمية الموجهة نحو نمط التعلم الخاص به أكثر من اعتماده على ذكاء الفرد، فمعرفة أنماط التعلم تساعد المعلم على إعداد مواقف صفية بحيث تكون ذات معنى وذات فاعلية للمتعلمين. كما ان معرفة أنماط تعليم المتعلمين يساعد المعلم على اختياره للإستراتيجيات التعليمية المناسبة التي تحقق أهداف التعلم بفاعلية، ولذلك يكون التعلم أكثر نجاحا حين يكون الأسلوب التعليمي الذي تقدم فيه المهمة التعليمية مطابقة لأسلوب ونمط تعلم المتعلم.
أهم مبادئ نظرية أنماط التعلم في تفسير التعلم:
- النمط المرئي أو البصري: هو نمط يعتمد المتعلم مـن خلالـه عـلى الإدراك الـبصري والـذاكرة البصرية من خلال رؤية المادة التعليمية: كالرسوم والأشـكال، والتمثـيلات البيانية والتخطيطية والعروض السينمائية وأجهزة العرض إلى غير ذلك من تقنيات مرئية.
- النمط السمعي: إن المتعلم يعتمد على الإدراك السمعي والذاكرة السـمعية من خلال سماع المادة التعليمية: كسماع المحاضرات، والأشرطة المسجلة والمناقشات، والحوارات الشفوية إلى غير ذلك من ممارسات شفوية.
- نمط التعلم القرائي والكتابي: إن المـتعلم يعتمد عـلى إدراك الأفكار والمعاني المقـروءة والمكتوبـة مـن خـلال قـراءة الأفكار والمعاني، أو كتابتها التـي تستلزم الكتـب والمراجع والقواميس والنشرات والمقالات وأوراق العمل والأعمال الكتابية إلى غـير ذلك مـن ممارسات قرائية أو كتابية.
- نمط التعلم العملي أو الحـركي: يعتمد المتعلم على الإدراك اللمسي العملي والتعلم باستخدام الأيدي لتعلم الأفكار والمعاني من خلال العمل اليدوي المخـبري، وعمل التصميم والنماذج والمجسمات، وإجراء التجارب والأنشطة الحركية إلى غير ذلك من ممارسات عملية.
دور التقنية الحديثة في تطبيق نظرية أنماط التعلم:
تنقسم أنماط التعلم الى 4 أقسام، وبناء على نمط المتعلم يتم توظيف التعلم بالتقنية، وهي كالتالي:
- النمط البصري: من خلال استخدام العروض التقديمية ومقاطع الفيديو ومؤتمرات الفيديو في التعليم.
- النمط السمعي: من خلال البودكاست السمعي ومقاطع الصوت ومؤتمرات الصوت في التعليم.
- النمط القرائي والكتابي: من خلال العروض التقديمية والبحث في محركات البحث وقواعد المعلومات والمدونات والتلجرام وتويتر وغيرها.
- النمط الحسي والحركي: ويكون من خلال الواقع المعزز والواقع الافتراضي.
المرجع:نظريات التعلم المعتمدة على الاتصال ودور التقنيات الحديثة في تطبيقها
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق