التقويم الصفي الفعال: مفهومه، أهميته، أدواته، أساليبه، التخطيط له…
التقويم الصفي الفعال: مفهومه، أهميته، أدواته، أساليبه، التخطيط له…
يشهد التقويم في وقتنا الحاضر تطورات متسارعة وتجديدات متنوعة في أساليبه وأدواته وممارساته الميدانية، حيث احتل مكانة وأهمية كبيرة في العملية التعليمية، نظرًا للدور الكبير الذي يلعبه في تحسين مخرجات التعليم. فالتعليم والتقويم عنصران مهمان ومترابطان ومتكاملان. (علام، 2013)
ولما لممارسات المعلم من دور في تفعيل أساليب التقويم وأدواته، سأتناول -في هذا الموضوع- التقويم الصفي متطرقة إلى تعريفه وأهميته وأدواته والكفايات الخاصة بالمعلمين، ومدى ممارسة المعلمين له.
أولًا: مفهوم التقويم الصفي
يعرف التقويم الصفي بأنه: “عملية منهجية منظمة تتطلب من المعلم أن تكون لديه مهارات ومعارف متنوعة، تمكنه من القيام بالمهام الفنية المتعلقة بالتقويم، وذلك بهدف تحقيق أغراض معينة” (علام، 2013، ص53).
وعليه يمكن تعريف التقويم الصفي بأنه كل ما يقوم به المعلم من ممارسات تهدف إلى تحسين نتاجات التعلم للطلاب في شتى الجوانب المعرفية والمهارية والنفس حركية وتنمية مهارات التفكير العليا وذلك لتحقيق أهداف معينة.
ثانيًا: أهمية التقويم الصفي الواقعي
يهدف التقويم الصفي الواقعي إلى تنمية مقومات الشخصية لدى الطلاب، وذلك من خلال تطوير مهاراتهم الحياتية وتنمية مهارات التفكير العليا لديهم، وكذلك التركيز على نتاجات عملية التعلم، وبالتالي تعزيز قدرة الطالب على التقويم الذاتي، علاوة على ذلك فإن التقويم الصفي الواقعي يعطي مؤشرات قوية على مدى تحقيق المتعلمين لأهداف ونتاجات التعلم من خلال تقديم التغذية الراجعة المستمرة، وتأهيل المتعلم لمواجهة الحياة العملية. (وزارة التعليم، 1434)
ثالثًا: تصنيف أساليب وأدوات التقويم الصفي
تختلف أدوات وأساليب التقويم حسب الغرض الذي أعدت من أجله، وقد تختلف باختلاف أهداف واستراتيجيات الدرس بحيث تعطي معلومات صادقة عن مدى تعلم الطلاب.
ونظرًا لتعدد أدوار التقويم ووظائفه في العملية التدريسية فإن ذلك يتطلب التنويع في أساليب التقويم الصفي ، بحيث يتمكن المعلم من قياس جميع المستويات والأهداف التعليمية.
ويمكن تصنيف أساليب وأدوات التقويم التي تستخدم في الصف بطرق مختلفة بما يتناسب مع قياس الأهداف أو المستويات التعليمية لمختلف المجالات الدراسية. ولقد صنف علام (2013) أساليب وأدوات التقويم التي تستخدم في الصف الدراسي بالطريقة التالية:
- أ- أساليب تتطلب إجابة صحيحة، وتشمل المفردات الاختبارية التي تتطلب ورقة وقلما مثل الاختبارات الموضوعية.
- ب- أساليب تتطلب إجابة حرة، وتشمل صيغ الأسئلة التي تتطلب استدعاء المعلومات وتوظيفها لغرض معين، مثل الأسئلة المقالية وأسئلة الإجابات القصيرة.
- ت- أساليب تتطلب أداءات، وتعتمد على تطبيق وتوظيف المعلومات التي اكتسبها الطالب في مواقف أدائية متنوعة مثل مهارات التواصل ومهارات استخدام الحاسب الآلي.
- ث- أساليب تتطلب نتاجات، وتتمثل في المواقف الصفية التي تتطلب من المعلم جمع معلومات عن نتاجات الطلاب مثل القصص والرسوم والتقارير.
وبذلك نجد أن أساليب التقويم تتنوع بحيث لا تقيس الجانب المعرفي فقط، وإنما تتعدى ذلك لتقيس النمو الانفعالي والوجداني وملاحظة سلوك الطلاب وأدائهم.
رابعًا: كفايات المعلمين في التقويم الصفي
بمراجعة الدراسات السابقة في مجال التقويم الصفي نجد أن التركيز كان على الأساليب التقليدية في التقويم، مثل استراتيجية الورقة القلم. فقد أشارت دراسة الدوسري، (2004) إلى أن أكثر الممارسات الصفية للمعلمين كانت تتمثل في إعطاء درجات للطلاب من خلال النتيجة التي يقدمونها في الاختبار.
وعليه نجد أن الاعتماد والتركيز على أداة واحدة مثل الورقة والقلم لا يفي بالغرض، خصوصا بعد تطور المعرفة وظهور مهارات جديدة لا يمكن تقويمها باستخدام الاختبارات فقط، بالإضافة إلى أن للاختبارات عيوب كثيرة، أهمها أنها تركز على قياس الجانب العقلي المعرفي مع إغفال واضح لقياس المهارات، وعدم التطرق لجوانب الانفعال الوجداني، والجوانب النفس حركية، لذلك ظهرت الحاجة إلى ضرورة تفعيل وتوظيف استراتيجيات وأدوات أخرى.
وبهدف تحقيق نتائج عالية في مستوى تحصيل الطلاب فإنه من الضروري مراعاة عدم الاعتماد الكلي على الاختبارات التحصيلية والتي تركز على المعرفة التي اكتسبها الطالب، وضرورة الاتجاه الى أساليب التقويم الصفي الحقيقية، والتي تركز على قدرات الطالب ومهاراته وتجعله مؤهلا مهنيا لمواجهة المستقبل.
وفي ظل التطورات المتسارعة في مجال القياس والتقويم، وحيث أن المعلم هو حجر الأساس في العلمية التعليمية ولِما لِدوره الكبير في نجاح عملية التعليم والتقويم، وحتى تتحقق الأهداف المرجوة من التقويم فإن ذلك يتطلب التطوير المستمر للكفايات المهنية للمعلمين في مجال التدريس بصفة عامة وفي أساليب التقويم الصفي بصفة خاصة، لذلك نجد أن هناك مجموعة من المعارف والمهارات التي ينبغي أن يكتسبها المعلم الفعال سواء كان في مرحلة دراسته في الجامعة أو أثناء تدريبه وظيفيًا، والتي تسهم في تحسين عملية التعليم والتقويم الصفي ، وتتمركز هذه الكفايات (المهارات والمعارف) في عدة معايير كما ذكرها علام (2013) فيما يلي:
- أن يكون المعلم متمكنا من اختيار أساليب وأدوات التقويم المناسبة حسب الموقف التعليمي والغرض الذي أعد من أجله.
- أن يبني المعلم أدوات التقويم وفق المواصفات المطلوبة بحيث تكون صادقة ودقيقة وعادلة وتتميز بالجودة العالية.
- أن يسعى المعلم إلى العدالة في تصحيح أجوبة الطلاب، وتفسير نتائج التقويم بهدف تقديم التغذية الراجعة المناسبة لكل طالب.
- أن يستخدم المعلم نتائج التقويم في وضع خطة مناسبة تساعده في اتخاذ القرارات المناسبة والمبنية على المعلومات والحقائق.
- أن يكون المعلم قادرا على تطوير إجراءات التقويم بهدف التحسين والتعديل.
- أن يكون المعلم قادرا على إعطاء تبريرات وتفسيرات واضحة لأداء الطلاب ونتائجهم في التقويم لأولياء الأمور ولقائد المدرسة ولجميع المعنين بعملية التقويم.
- أن تكون لدى المعلم معرفة لبعض الاستخدامات غير المناسبة لأساليب التقويم والتي لها أثر سلبي على الممارسة مثل إحراج الطالب بدرجته أو استخدام درجات الطلاب لأغراض غير أخلاقية، وذلك حتى يتجنبها عند ممارسة التقويم.
خامسًا: تخطيط عملية التقويم الصفي
بهدف الحصول على معلومات كافية وصادقة عن مستوى تحصيل الطلاب ومدى تقدمهم في مختلف المجالات، فإنه ينبغي على المعلم أن يتبع مجموعة من المهام:
- تحديد الغرض من التقويم وطبيعة القرار المرجو : ويتم ذلك من خلال تحديد ما إذا كان التقويم سيستخدم لمعرفة احتياجات الطلاب أثناء تعلمهم، أم لوضع تقديرات لهم، أم لاتخاذ قرارات نقلهم إلى الفرقة التالية، أم أنه سوف يكون جزءا من تقويهم الأسبوعي أو الشهري. فاستخدامات نتائج التقويم تعد أمرًا مهًما في اختيار وتنظيم أساليب التقويم ومحتوى الأدوات المناسبة.
- تعريف نطاق التقويم : ويقصد به المعارف والمهارات المتعلقة بمجال دراسي معين، والتي سوف يشملها أسلوب التقويم سواء كانت اختبارا أو مهاما أدائية أو ملف أعمال على عينة ممثلة لها للاستدلال منها على تحصيل الطالب.
- تحديد الأهداف التعليمية : ويتم ذلك بتحديد المهارات المتعلقة بمحتوى مجال دراسي معين تحديدًا واضحًا. وهذا يتطلب تحديد العمليات المعرفية التي ينبغي أن يكون الطالب قادرًا على استخدامها من أجل التعامل والتفاعل مع المحتوى.
- تصميم مخطط التقويم : ويتضمن تحديد المجال الدراسي وتنظيمه، وتحديد المهارات المراد تقويمها.
- تكوين مخطط التقويم الصفي : وهذا المخطط عبارة عن جدول مواصفات الاختبار، والذي بُعده الأفقي يشتمل على موضوعات محتوى المجال الدراسي وفروعه، بينما يشتمل بُعده الرأسي على مستويات الأهداف المعرفية.
- تحديد كيفية التقويم الصفي : وذلك من خلال تحديد طريقة التحقق من اكتساب الطلاب للمهارات باستخدام أدوات التقويم المختلفة.
- تقييم جودة تخطيط التقويم الصفي : من خلال تحديد الغرض من التقويم ومدى ملاءمة أساليب التقويم ودقتها وكفايتها.
- تقييم جودة أساليب التقويم الصفي : حتى تكون أساليب التقويم ذات فعالية وجودة، فإنه ينبغي على المعلم أن يراعي عدة محكات عند تطبيقه لها، والتي يمكن أن يسترشد بها المعلم في تقييمه جودة أساليب التقويم التي يختارها كما يلي:
- أ- الصدق: عملية التقويم الصفي تكون صادقة بقدر ما تقدمه من معلومات موثوق بها فيما يتعلق بمدى تحقيق الطالب للأهداف التعليمية، أي عندما يختار المعلم أكثر أساليب التقويم ملاءمة للتأكد من أن الطالب قد حقق الأهداف التعلمية.
- ب- الثبات: ينبغي على المعلم عند اختياره لأسلوب التقويم أن يكون مدركًا لأهمية أن يؤدي هذا الأسلوب إلى نتائج متسقة.
- ت- الموضوعية: يعد أسلوب التقويم الصفي موضوعيًا عندما تكون نتائجه بعيدة عن الأحكام الذاتية للمعلم.
- ث- التوازن: يكون أسلوب التقويم متوازنًا إذا كانت نسبة الأسئلة أو المفردات أو المهام المتعلقة بكل جانب من جوانب التحصيل تتفق مع النسب التي حددها المعلم في مخطط التقويم الصفي .
- ج- الشمولية: يكون أسلوب التقويم الصفي شاملًا عندما يتكون من عينة ممثلة للسلوك الموضح في عبارات الأهداف التعليمية، ويفيد تصنيف بلوم المعدل المعلم في مراعاة القدرات والمهارات المتنوعة والتي يوجه التدريس نحوها.
- ح- العدالة: تكون أساليب التقويم عادلة إذا أكدت على المعارف والمهارات والقدرات التي ركزت عليها العملية التعليمية.
- خ- صلاحية الاستخدام: ويتم ذلك من خلال اختيار الأسلوب الذي يقدم أكبر قدر من المعلومات في أقل وقت ممكن، بحيث لا يطغى على الوقت المخصص للتدريس والأنشطة الصفية. (علام ،2013 :88-53)
تطبيق عملي لمخطط تقويم صفي لموقف تعليمي:
هناك عدة محاور يجب على المعلم مراعاتها عند التقويم الصفي كما يلي:
- اختيار نشاط التقويم مع تحديد نوعه.
- كتابة تعليمات لكيفية التقويم الصفي من حيث إجراءاته والزمن المحدد له وكيفية التصحيح.
- تصحيح أجوبة الطلاب وفق معايير التصحيح ومن ثم تقدير مستوى كل طالب.
- تدوين تقرير عن أداء كل طالب وتزويد المعنيين به سواء كان ولي أمر طالب أو قائد مدرسة.
(وزارة التعليم، 1434)
وللوصول إلى تقويم صفي ناجح هناك مجموعة من الأسس والتي من المناسب إتباعها عند التخطيط لعملية التقويم، ومن هذه الأسس ما يلي:
- أن يشمل التقويم جميع المستويات المعرفية حسب تصنيف بلوم.
- أن تكون أدوات التقويم الصفي مكملة لبعضها ومتلائمة ومترابطة.
- أن يركز التقويم الصفي على النتائج التي ينبغي الوصول إليها من خلال أهداف المنهج.
- أن يتضمن التقويم الصفي على أدوات تتصف بالصدق والثبات والموضوعية.
- أن يتعاون جميع الأطراف سواء كان معلم أو مشرف تربوي أو ولي الأمر أو الطالب نفسه في إنجاح عملية التقويم.
- أن يراعي التقويم الصفي الفروق الفردية بين الطلاب.
- أن يظهر التقويم الصفي نقاط القوة ويعمل على تعزيزها ويظهر نقاط الضعف ويعمل على علاجها.
- أن تُستخدم نتائج التقويم الصفي في تحسين العملية التعليمية وتطويرها.
ومن المقترحات التي يمكن طرحها لتحسين ممارسة المعلمين للتقويم الصفي ما يلي:
- تدريب المعلمين على أدوات التقويم الحديثة من قبل متخصصين في القياس والتقويم من خلال وِرش العمل.
- تبادل الخبرات والأفكار التطويرية لأدوات التقويم الصفي الحديثة بين المعلمين من خلال تفعيل استراتيجية المعايشة وتبادل الزيارات الصفية.
- تفعيل التقويم الصفي الواقعي وذلك من خلال تدريب الطلاب على تطبيق المعارف والمهارات التي تعلموها داخل الصف ليستخدموها خارج المدرسة، وذلك حتى يكون التعلم ذو معنى، وبهدف ربط ما يدرسه المتعلم بواقع الحياة، ليكون التعلم أبقى وأكثر عمقًا.
- التنويع في أساليب التقويم كاستخدام المشاريع والأبحاث والتقارير مثلًا بهدف ربط ما تعلمته الطالب بواقع الحياة وبالتالي يصبح نتائج التعلم أكثر استمرارية.
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق